رئيس نادي البُن: اليمن مهد القهوة الأول تذوقاً وزراعة

يرى هشام نعمان أن البن اليمني إرث ثقافي وحضاري وليس مجرد محصول زراعي

رئيس نادي البُن: اليمن مهد القهوة الأول تذوقاً وزراعة

يرى هشام نعمان أن البن اليمني إرث ثقافي وحضاري وليس مجرد محصول زراعي

قال رئيس نادي البُن اليمني “هاشم نعمان”، إن اليمن هو مهد البن الأول تذوقاً وزراعة؛ حيث انطلق منه إلى بقية العالم منذ القرن الخامس عشر، وارتبط ارتباطاً تاريخياً بالموانئ التجارية مثل ميناء المخا، الذي أصبح رمزاً للقهوة العالمية (موكا).

وفي حوار مع منصة ريف اليمن، بمناسبة عيد البن اليمني، أوضح نعمان أن البن اليمني يمتلك مجموعة من القيم الفريدة التي مكنته من قطع ثلاثة أرباع العالم، وجعلته يصل إلى الأسواق العالمية، ويكتسب شهرة واسعة، ولا يزال يحتل مكانة كبيرة بفضل هذه المميزات، لكنه للأسف يعاني من تراجع كبير في زراعته وتسويقه وتجارته.

ويلفت إلى أن البن اليمني يواجه العديد من التحديات، أبرزها التغييرات المناخية، وندرة المياه التي تؤثر على إنتاجية البن وجودته؛ مما يهدد استدامة زراعته في بعض المناطق، مؤكدا أن اليمن يمكنها أن تستعيد مكانتها كواحدة من أهم منتجي البُن في العالم، لكن ذلك يتطلب جهوداً متكاملة من الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمزارعين.

ويؤكد نعمان أن البن اليمني ثروة وطنية لا تُقدّر بثمن، ويجب الحفاظ عليها وتنميتها للأجيال القادمة، داعيا إلى مزيد من الدعم والاستثمار في هذا القطاع، كونه يحمل فرصًا هائلة للنمو والازدهار.

إلى نص الحوار..

مقتطفات من الحوار مع رئيس نادي البن اليمن، هشام نعمان (ريف اليمن)

  • بدايةً، حدثنا عن عراقة البن اليمني ومكانته التاريخية والاجتماعية والاقتصادية؟

مرحبا، البن اليمني ليس مجرد محصول زراعي، بل هو إرث ثقافي وحضاري شكل العمود الفقري لاقتصاد اليمن لعقود طويلة، واكتسب شهرة واسعة امتدت إلى دول العالم، نظراً لجودته وأصالته، وكان اليمن هو المصدر الأول للبن عالميًا؛ حيث كان يتم تصديره من مناطق اليمن المختلفة، أبرزها العدين في إب، وبني حماد في تعز عبر ميناء المخا الذي أصبح علامة تجارية عالمية من خلال اسم موكا.

وخلال القرون الماضية، وتحديدًا بين القرن الخامس عشر والثامن عشر، كان البن اليمني “موكا” “اربيكا” بمثابة العملة الصعبة، وكان يستخدم كعملة تبادل في بعض المناطق؛ حيث احتكر اليمن زراعته وتجارته، وكان يتم تسويقه في أسواق كثيرة في كل دول العالم نظراً لجودته؛ ما جعله موردًا اقتصاديًا أساسيًا دعم الاقتصاد الوطني في فترات ازدهاره


نعمان: يمتلك البن اليمني مجموعة من القيم الفريدة التي مكنته من قطع ثلاثة أرباع العالم، وجعلته يصل إلى الأسواق العالمية، ويكتسب شهرة واسعة


وإلى جانب أهميته الاقتصادية، كانت القهوة اليمنية، وما زالت، جزءًا من الطقوس الاجتماعية اليمنية؛ حيث يتم تقديمها في جميع المناسبات والجلسات واللقاءات، كما أن زراعة البن أسهمت في ازدهار المجتمعات الريفية اليمنية، ما منح القهوة قيمة ثقافية واجتماعية لا تقدر بثمن.

  • ما الذي يجعل البن اليمني فريدًا مقارنةً بالأنواع الأخرى المنتشرة عالميًا؟

يمتلك البن اليمني مجموعة من القيم الفريدة التي مكنته من قطع ثلاثة أرباع العالم، وجعلته يصل إلى الأسواق العالمية، ويكتسب شهرة واسعة، تتجسد هذه القيم في عدة عوامل جوهرية، منها الأصالة والتاريخ العريق؛ إذ إن اليمن هو مهد البن الأول تذوقاً وزراعة؛ حيث انطلق منه إلى بقية العالم منذ القرن الخامس عشر، وارتبط ارتباطاً تاريخياً بالموانئ التجارية؛ مثل ميناء المخا الذي أصبح رمزاً للقهوة العالمية (موكا).

البن اليمني
هشام نعمان، رئيس نادي البُن اليمني يلقي كلمة في مهرجان للبن في ريف تعز في أكتوبر 2021

كما يتميز البن اليمني بالجودة والنكهة الفريدة التي تتأثر بمناخ وجغرافيا المناطق الجبلية مختلفة الخصائص؛ حيث يُزرع في مناطق مختلفة مثل الجبال والوديان والمدرجات متعددة الارتفاعات التي يتراوح ارتفاعها ما بين 700 – 2600 متر، وهو ما يجعل لكل منطقة بصمتها الخاصة في نكهة البن، وفقًا لعوامل المناخ والتربة، ويكسبه طعما فريدا ذا نكهات فاكهية وشوكولاتية مع الحموضة المتوازنة.

كما أن الاعتماد على أساليب زراعية متوارثة يعزز الجودة دون استخدام المبيدات أو الأسمدة الكيميائية المفرطة، فضلا عن الحرفية والمهارة في المعالجة والتجفيف التي اكتسبها المزارعون عن الآباء والأجداد جيلاً بعد جيل، كل هذه العوامل جعلت البن اليمني مطلوبًا في مختلف الأسواق العالمية، لكنه لا يزال بحاجة إلى تطوير استراتيجيات حديثة في التسويق والتصدير لتعزيز مكانته عالميًا.

  • رغم هذه الميزات.. لماذا شهدت زراعة البن اليمني تراجعًا في العقود الأخيرة؟

لا يزال البن اليمني يحتل مكانة كبيرة في الأسواق المحلية والأجنبية بفضل هذه المميزات، لكنه للأسف يعاني من تراجع كبير في زراعته وتسويقه وتجارته لأسباب كثيرة، منها غياب الدعم، وخاصة خلال العقود العشرة الماضية، إضافةً إلى نقص هطول الأمطار بفعل التغيرات المناخية، إضافةً إلى التوسع في زراعة القات على حساب مساحة زراعة البن.

كما أن ضعف الدعم الحكومي للبنى التحتية (السدود، قنوات الري، التقنيات الحديثة) يعد من أبرز المعوقات التي تواجه زراعة البن اليمني، بالإضافة إلى تأثير الحروب، كل هذه العوامل أثرت على إنتاجية البن، ورغم زراعته في 17 محافظة من أصل 22، لكنه لا يشكل أي نسبة من الإنتاج العالمي حالياً للأسف.


نعمان: يواجه البن اليمني العديد من التحديات؛ أبرزها ضعف الدعم الحكومي والتغييرات المناخية وغياب التسويق المنظم وتوسع زراعة شجرة القات


  • ماهي التحديات التي تعترض طريق استعادة مجد البن اليمني؟

يواجه البن اليمني العديد من التحديات؛ أبرزها التغييرات المناخية؛ حيث تؤثر تقلبات الطقس وندرة المياه على إنتاجية البن وجودته؛ مما يهدد استدامة زراعته في بعض المناطق، بالإضافة إلى أن عدم الاستقرار في اليمن يؤثر على سلسلة القيمة للبن، من الإنتاج إلى التصدير، ويحد من قدرته التنافسية عالمياً من حيث الكم وليس الكيف.

ومن التحديات غياب التسويق المنظم، وعدم تسجيل العلامات التجارية “موكا” “اربيكا” وتسويقها كعلامات يمنية خاصة يجب حمايتها، واعتبار ذلك ضمن حقوق الملكية الفكرية لليمن، ومن التحديات كذلك وجود سوق غير منظم؛ حيث يعتمد تسويق البن اليمني على الجهود الذاتية من رواد الأعمال الجدد، وهذا الأمر يقلل من العائد الذي يحصل عليه المزارعون بسبب عدم كفاءة وبراعة التسويق.

كما أن كلفة إنتاج البن العالية تعد صعوبة كبيرة، خاصة مع وجود منافسة عالمية تواجهه القهوة اليمنية من الدول الأخرى التي تنتج البن بتكاليف أقل، وتستخدم تقنيات زراعية ومعالجة حديثة لا توجد في اليمن، وهو ما يجعلها غير قادرة على منافسة الدول المنتجة، إلا بنوعية وجودة وتميز وتفرد مذاق البن اليمني.

  • هل هناك فرص حقيقية لإعادة النهوض بزراعة وتسويق البن اليمني عالميًا؟

بالتأكيد، هناك فرص كبيرة يمكن استغلالها لتحسين تسويق البن اليمني وتصديره وإعادته منافساً ورقماً في السوق العالمية، منها تعزيز التسويق الرقمي، والتجارة الإلكترونية، وفتح أسواق جديدة، وتوسيع دائرة المستهلكين، إضافةً الى تعزيز الهوية التسويقية للبن اليمني، والتوسُّع في الأسواق المتخصصة، خاصة أن هناك طلباً متزايداً على القهوة المختصة في أوروبا وأمريكا واليابان وكوريا الجنوبية، واليمن يمتلك أصنافاً فاخرة تناسب هذه الأسواق.

البُن اليمني.. ثروة تتحدى المعوقات وتسعى لاستعادة مجدها(حوار)

ومن الفرص، إحياء المدرجات الزراعية من خلال استصلاح الأراضي الجبلية، وزيادة زراعة البن في المناطق المناسبة، وتشجيع الشركات الناشئة والمزارعين، وفي الآونة الأخيرة اتجه شباب كثر إلى إنشاء نوادي وجمعيات تعاونية بجهود ذاتية، أو مساهمات مجتمعية للاهتمام بزراعة البن.

كما تم إقامة العديد من الورش والمؤتمرات والندوات التوعوية بأهمية البن اليمني، والحث على زراعته، واستثمار الأراضي الزراعية لتوسعة المساحة المزروعة بهذا المحصول، وتم توزيع شتلات البن في أكثر من مناسبة، وأُنشِئت شركات يملكها شباب ستساهم في تصدير البن إلى الأسواق العالمية، وهناك أسر كثيرة في الريف اليمني عملت على زراعة أشجار البن جوار منازلها وبجهود ذاتية.

ومن الفرص كذلك تفعيل دور نادي البن اليمني في تنمية سلاسل القيمة الزراعية والتجارية والثقافية، والتركيز على الجودة الفريدة للبن اليمني (المناخ، التربة، السلالات النادرة) لاستهداف الأسواق الخارجية، والضغط لتسجيل العلامات “موكا واربيكا”، وإدراجها ضمن حقوق الملكية الفكرية الخاصة باليمن لحماية الهوية اليمنية للبن، ولدينا برنامج عمل لرؤية وطنية شاملة لتحقيق أهداف النادي الرامية إلى استعادة مكانة البن اليمني إلى ما كان عليه في السابق.

  • كيف ترى مستقبل البن اليمني؟

البن اليمني في مفترق طرق، فهو يمتلك ماضٍ عريقاً، وحاضراً مليئاً بالتحديات، لكن مستقبله واعد؛ فإذا توفرت استراتيجيات مستدامة لدعم الإنتاج والتسويق والتصدير بإمكان اليمن أن يستعيد مكانته كواحد من أهم منتجي البن في العالم، ولكن ذلك يتطلب جهودًا متكاملة من الحكومة، القطاع الخاص، المجتمع المدني، والمزارعين؛ لضمان استدامة هذا المنتج الفريد.

  • رسالة أخيرة؟

رسالتي للجميع، خاصةً المزارعين والمستثمرين، أن البن اليمني ثروة وطنية لا تُقدّر بثمن، ويجب أن نحافظ عليها وننميها للأجيال القادمة، وأدعو إلى مزيد من الدعم والاستثمار في هذا القطاع، لأنه يحمل فرصًا هائلة للنمو والازدهار، ويمكن أن يعود اليمن ليكون رقمًا صعبًا في سوق القهوة العالمية كما كان في الماضي.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: