المرأة الريفية: شريك أساسي في المبادرات المجتمعية

قدمت نساء في الريف ما بحوزتهن من الذهب تبرعاً للمشاريع التنموية

المرأة الريفية: شريك أساسي في المبادرات المجتمعية

قدمت نساء في الريف ما بحوزتهن من الذهب تبرعاً للمشاريع التنموية

خلال سنوات الحرب في اليمن، برز دور المرأة كركيزة أساسية في دعم المجتمع؛ إذ ساهمت في دعم العديد من المبادرات المجتمعية في محافظات مختلفة، وكان لها دور مهم في مختلف المجالات؛ سواءً في التمويل، أو من خلال إعداد الطعام والشراب للعاملين، والعمل إلى جانب شقيقها الرجل.

السيدة “نسيم السروري”، واحدة من بين النساء الريفيات اللواتي ساهمنَ بتمويل المبادرات الأهلية؛ إذ أنفقت ما كان بحوزتها من مجوهرات لصالح مشروع إصلاح طريق قريتها في مديرية الصلو بريف محافظة تعز جنوب غربي اليمن.

شريك أساسي في المبادرات

ما إن شرع سكان قرية “الرنج” بمديرية الصلو في إصلاح الطريق الوعرة، حتى بادرت نسيم ذو التسعين عاماً بإنفاق المجوهرات الخاصة بها، إذ زارت إحدى الشخصيات الفاعلة في المجال التنموي، وأخبرته عزمها التبرع للمشروع.

من بين المجوهرات التي تبرعت بها نسيم قلادة فضية حصلت عليها هدية من والدها أيام الطفولة، وتكريماً لدورها؛ وُضعت القطعة الفضية في مزاد وحققت ستة ملايين ريال، تم تخصيصها لتمويل الطريق الذي يعتبر شريان حياة لسكان الصلو، وحلماً ظل يراودهم، لكنه تحقق بجهودهم الذاتية، وأموال الخيِّرين من أهالي المنطقة.


      مواضيع مقترحة


لم يتوقف دور النساء عند نسيم السروري؛ فهناك الكثير من النساء الريفيات اللواتي سُجلت أسماؤهن في كشوفات المتبرعين لصالح المبادرات المجتمعية في الكثير من المحافظات اليمنية.

إذ لعبت النساء الريفيات في محافظة ريمة غربي اليمن، دوراً كبيراً في تمويل العديد من المبادرات المجتمعية، لاسيما وأن المحافظة شهدت حراكًا مجتمعيًا غير مسبوق؛ إذ تم تنفيذ العديد من المشاريع التنموية بتمويل السكان.

“غنية حمود” (اسم مستعار)، إحدى نساء عزلة بَكَال بمديرية مزهر، بريف ريمة، قدمت قطعة مجوهرات لتمويل مشروع رصف طريق الحسل، وهو أحد أهم المشاريع العملاقة التي نُفذت بتمويل محلي.

تقول غنية لمنصة ريف اليمن: “ساهمتُ بتمويل مشروع طريق الحسل لأنه مشروع حياة للسكان، لقد عانينا كثيرًا من صعوبة الطريق ووعورتها، وشكَّل ذلك تحديًا كبيرًا أمام تنقُّل الأهالي، ودخول البضائع، وإسعاف المرضى”.

وأوضحت أن “دعم المشروع واجب وطني وإنساني، من شأنه أن يخفف الكثير من الأعباء والصعوبات التي واجهناها حتى أثناء السير على الأقدام”.

مسنة يمنية تبرعت بمبلغ (1800 دولار) من مدخراتها، للمساهمة في إصلاح إحدى طرق محافظة إب (ريف اليمن)

وقال “راشد البكالي”، وهو رئيس اللجنة المجتمعية لمشروع الحسل في ريمة: “المرأة لعبت دورًا كبيرًا في دعم مشاريع التنمية في المحافظة؛ تبرعت بالمال والمجوهرات، وحتى الأراضي، كما قامت بعض النساء بالتنازل عن أراضٍ لصالح بناء مشاريع تنموية، مثل المدارس والمساجد”.

وأضاف البكالي في حديثه لمنصة ريف اليمن: “ساهَمَتْ النساء الريفيات في نقْلِ المواد في المناطق الوعرة، وإعداد الطعام للعاملين؛ حيث تتولى كل ربة منزل إعداد الطعام حسب دورها”.

العمل إلى جانب الرجال

خلال عملية إصلاح الطرق الوعرة، شاركت العديد من النساء في العمل، من بينهنّ السيدة “سهام جازم” التي شاركت مع نساء قريتها في مديرية الصلو من خلال تكسير صخور النيس المستخدمة في عملية رصف الطريق.

تقول سهام: “تولى الرجال استخراج أحجار النيس، وكانت النساء تقوم بجمعها من خلال استخدام الفؤوس والمطارق لتكسيرها، ثم نحملها فوق رؤوسنا إلى الطريق”.

وأضافت: “كنا نعمل منذُ الثامنة صباحًا حتى وقت الظهيرة، ثم نأخذ قسطًا من الراحة ونعود للعمل حتى الخامسة مساءً حتى تم إكمال إصلاح الطريق الذي استمر لشهور”.

تمكنت سهام من استقطاب نساء أخريات للعمل، وهو ما أثبت -وفق حديثها لمنصة ريف اليمن- أن “المرأة قادرة على العمل بكل طاقتها لخدمة مجتمعها”، مشيرة إلى أن “العمل كان شاقًا ومجهدًا، لكن حاجة المنطقة للمشروع شجعتنا على الاستمرار”.

أما “بشرى عبد الحافظ”، وهي إحدى المشاركات في المبادرة، فقالت إن “العمل بدأ بدعم من إحدى المنظمات لكنه لم يستمر لفترة طويلة؛ إذ انتهى مشروع المنظمة دون إكمال رصف الطريق، حينها قام المجتمع رجالا ونساءً بعمل مبادرة مجتمعية، وتم جمع مبالغ مالية لاستكمال الطريق، وقد شاركت النساء في الدعم المادي بمبالغ مالية، إلى جانب عملهن بدون مقابل لجمع وتكسير أحجار النيس”.

وأوضحت بشرى لمنصة ريف اليمن: “لولا أن فريق المبادرة من المسؤولين أخبر فريق المبادرة النسوية بأن النيس كافٍ لإنجاز ما تبقى من المشروع لاستمرت النساء في العمل لفترة طويلة”.

من جانبه قال “مختار الخطيب”، وهو ناشط مجتمعي في مديرية الصلو، إن “نساء المنطقة بادرن بدعم المبادرات المجتمعية دون انتظار دعوة للمشاركة، وقدمت النساء الدعم المادي والمعنوي على حد سواء”.

مساهمات ملهمة

في مديرية صبر الموادم بريف تعز، أطلقت “غانية أحمد” عدة مبادرات مجتمعية، ونفذت مشاريع خففت معاناة سكان القرى الريفية. بدأت غانية بتنفيذ أنشطة توعوية حول أهمية المشاركة المجتمعية، ما أدى إلى تفاعل كبير من الأهالي، وتقديمهم للدعم المادي والمعنوي.

من أبرز المبادرات التي قادتها السيدة غانية: جمع التبرعات لبناء مسجد الرضا؛ حيث قدمت النساء مجوهرات ومبالغ مالية، بعضها بالعملة الصعبة. كما ساهمت غانية في حل نزاعات بين مواطنين، وتوسيع الطرق.

ونظرًا لدورها الفاعل، تم تعيينها رئيسة مجلس نساء صبر الموادم؛ حيث تشرف على مشاريع تنفذها منظمات ومؤسسات محلية.

يؤكد “زيد الحميدي”، مدير الإعلام بالمديرية، أن النساء في صبر الموادم يبذلن جهودًا كبيرة لدعم التنمية المجتمعية؛ ففي قرية الخسف، جمعت النساء 500 ألف ريال لإصلاح الطريق الفرعي الرابط بين قريتي المراغة والخسف.

وفي قرى القفيعة والخفاقر وحرف العريش، ساهمت النساء بالتبرع بالأراضي الزراعية لشق الطرق. كما أطلقت نساء قرية المراغة مبادرة لإنارة الطرق والأزقة خلال شهر رمضان؛ حيث جمعنَ التبرعات لشراء بطاريات وألواح شمسية، وتأسيس شبكة إنارة متكاملة.

ولا يقتصر دور المرأة في دعم التنمية المجتمعية بتلك المناطق فحسب؛ بل يمتد ليشمل العديد من المحافظات اليمنية التي أطلق سكانها مشاريع تنموية بجهود ذاتية؛ لتعزيز الاستقرار، والتخفيف من معاناة المواطنين في ظل استمرار الصراع.

وعلى مدى سنوات، لعبت المرأة الريفية في اليمن دوراً مهماً في التنمية؛ إذ تشير تقارير البنك الدولي إلى أن النساء تتولى أعمال جلب المياه والزراعة ودخل الأسرة في المناطق الريفية رغم الصعوبات.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: