المرأة اليمنية وقطاع الأسماك: تحديا ومشاركة محدودة

تمثل القيود الاجتماعية أحد أكبر العوائق التي تحُوْل دون مشاركة النساء في صيد الأسماك

المرأة اليمنية وقطاع الأسماك: تحديا ومشاركة محدودة

تمثل القيود الاجتماعية أحد أكبر العوائق التي تحُوْل دون مشاركة النساء في صيد الأسماك

يُعد قطاع الأسماك في اليمن أحد القطاعات الاقتصادية الحيوية التي تلعب دوراً أساسياً في ضمان الأمن الغذائي وسبل العيش لآلاف الأسر في العديد من محافظات. ورغم الأهمية البالغة لهذا القطاع، تظل مشاركة النساء فيه محدودة للغاية؛ سواء في أنشطة الصيد، أو في الأعمال التجارية المتعلقة به مثل البيع والشراء.

وتمتد السواحل اليمنية على مسافة تتجاوز 2000 كيلومتر، وتغطي عشر محافظات من أصل 22، ويساهم قطاع الأسماك بنحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي ويوظف ما يقرب من 2% من القوى العاملة، وعلى الرغم من هذه المساحات الساحلية الواسعة، يلاحظ ضعف شديد في مشاركة النساء، وهو أمر يظهر بشكل جلي عند المقارنة مع مشاركتهن في قطاعات اقتصادية أخرى.

مشاركة محدودة وتحديات متزايدة

ومنذ القدم، لعبت المرأة الريفية الساحلية دوراً حيوياً في مهنة الصيد وصناعة المنتجات البحرية وبيعها، وذلك ضمن إطار التقاليد المتوارثة في مجتمعاتها. ومع ذلك، شهد هذا الدور تحوّلات جذرية خلال نحو عقدين، حيث بدأت تُفرض قيود مجتمعية صارمة حدّت من مشاركتها في القطاع السمكي.


     مواضيع مقترحة


وأدت هذه القيود إلى احتكار هذا المجال للرجال، وقد تفاقمت هذه التحديات نتيجة سنوات الصراع المستمر وزيادة المخاطر؛ مما أثر سلباً على الدور المستدام الذي كانت تؤديه المرأة الساحلية في دعم اقتصاد مجتمعها.

تقتصر المشاركة النسائية في قطاع الأسماك في بعض مناطق محافظة لحج (جنوب غربي اليمن)، كما تقتصر أيضاً بشكل ضئيل للغاية في جزيرة سقطرى (جنوب شرقي اليمن)، بينما لا تكاد تذكر أي مشاركة نسائية ملحوظة في بقية المحافظات الساحلية الأخرى في الوقت الحالي، وفي الغالب ينحصر دور المرأة على الأنشطة الداعمة؛ مثل عمليات التجهيز للصيادين، والبيع، والتجفيف، والتعليب.

وتقول الأمم المتحدة إن دور المرأة اليمنية في قطاع صناعة الأسماك لا يكاد يذكر، مشيرة الى إطلاقها مؤخراً مبادرات تحويلية لإعادة تأهيل البنية الأساسية لصيد الأسماك، ودعم التدريب المهني، وتمكين الشركات التي تقودها النساء، كما تحدثت عن تزويد 831 من النساء المنتِجات الصغيرات بأدوات معالجة الأسماك والمنتجات الثانوية خلال ثمان سنوات.

قيود اجتماعية

تمثل القيود الاجتماعية أحد أكبر العوائق التي تحُوْل دون المشاركة الواسعة للنساء في صيد الأسماك، ففي المجتمع اليمني التقليدي، تُعتبر العديد من الأنشطة البحرية، مثل الصيد، مهناً حصرية على الرجال، حيث يُنظر إلى المرأة التي تخرج للعمل في البحر والأسواق على أنها تخرج عن المألوف، وهو ما يفرض عليها قيوداً ثقافية شديدة.

وفي تعليق له بشأن محدودية مشاركة المرأة في الصيد؛ يقول “حمود بري”، وهو أحد صيادي محافظة الحديدة، إن هذه المهنة تبدو سهلة لدى البعض، لكنها شاقة وخطرة، مشيراً إلى أنه لا يمكن للنساء المجازفة والمشاركة في هذه المهنة لتوفير فرصة عمل مربحة، مضيفاً أن ذلك يتطلب قوة بدنية وصبراً كبيراً، مما قد يكون تحدياً للنساء.

وأكد بري (43 عاما) في حديثه لـ”ريف اليمن” التأثير الكبير الذي فرضته العادات والتقاليد في المجتمعات المحلية على مشاركة المرأة بفاعلية في هذا القطاع الحيوي، لافتاً إلى أنه سبق وأن عرض على نساء من ذويه المشاركة في عمليات الاصطياد البحرية لكن طلبه قوبل بالرفض.

وأشار إلى أن أحد أولاده رد عليه بالقول: “المرأة مسؤولة عن الأعمال المنزلية ورعاية الأسرة، وليس الخوض في أعماق البحار”.

وتعاني العديد من النساء من نقص في الموارد المالية، والتمويل اللازم للانخراط في هذا المجال، فإضافة إلى العوائق الاجتماعية؛ تتطلب مهنة الصيد أدوات ومعدات مكلفة قد تكون بعيدة عن متناول النساء اللاتي يعشن في مناطق نائية أو فقيرة، ونتيجة لهذا، تقتصر معظم مشاركات النساء على العمل في التجارة، وصغار الأنشطة.

وقد ساهم تدني مستوى التعليم في بعض المناطق الريفية في ضعف مهارات النساء في التعامل مع الأنشطة التجارية الحديثة، أو العمل في مجال الصيد المتقدم.

تحدي وإصرار

تتميز محافظة لحج بكونها الوحيدة التي تشهد مشاركة متزايدة للنساء في مهنة صيد الأسماك، حيث تبحر النساء في قواربهن إلى أعماق البحر، متحديات الأمواج، في مسعى لدعم الرجال، والمساهمة في تأمين مصدر رزق الأسرة.

تقول “رحيمة ناجي”، إحدى العاملات في بيع وشراء الأسماك في سوق مديرية المضاربة والعارة، إن بعض النساء ارتبطن بالاصطياد منذ زمن بعيد، وورثن هذه المهنة عبر الآباء والأجداد.

وأضافت ناجي لـ”ريف اليمن” أن “بعض النساء قد اكتسبت خبرة تفوق خبرة بعض الصيادين، حيث يتمكنّ من جلب كميات كبيرة من الأسماك مقارنة بهم، وهنّ يعرفن جيداً أماكن تواجد الأسماك بكثافة، ومواسم الصيد، كما أنهنّ يمتلكن فهماً دقيقاً لتقلبات الطقس، وحركات الأمواج غير العادية”.

وأشارت إلى أن عدداً من الصيادات يلتزمن باستخدام أدوات السلامة، كما أنهنّ يمتلكن القدرة على السباحة لفترات ومسافات طويلة في حال فقدن السيطرة على المركب.

وتشدد بعض النساء في المناطق الساحلية على ضرورة توفير برامج تدريبية ودورات تعليمية للنساء في مجال الصيد وتجهيز الأسماك؛ للمساهمة في زيادة مشاركتهن في هذا القطاع، كما يطالبن بتقديم الدعم من المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الربحية؛ لتشجيع المرأة على المشاركة في هذا المجال.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: