قرية ذي الجُمال بتعز: أزمة مياه تبحث عن حلول

تنعكس أزمة المياه بشكل مضاعف على الفئات الأضعف في القرية

قرية ذي الجُمال بتعز: أزمة مياه تبحث عن حلول

تنعكس أزمة المياه بشكل مضاعف على الفئات الأضعف في القرية

على مدى سنوات، أجبرت أزمة المياه المستمرة سكان قرية “ذي الجُمال” بمنطقة قدس في ريف محافظة تعز، على قطع مسافات طويلة مشيًا على الأقدام؛ من أجل الحصول على لترات قليلة من الماء؛ إذ تتحمل النساء العبء الأكبر في جلب المياه، في الوقت الذي تعرّضت الكثير منهنّ للإصابة نتيجة المشقّة المضاعفة.

ويعيش سكان القرية، البالغ عددهم نحو 4,000 نسمة، ظروفًا صعبة نتيجة غياب المشروع الحكومي عن قريتهم، في ظل تجاهل الجهات المعنية لمعاناتهم وعدم قيامها بدورها في التخفيف منها، وتنعكس أزمة المياه بشكل مضاعف على الفئات الأضعف في القرية، مثل الأطفال وكبار السن.

قرية ذي الجُمال والمعاناة

تروي السيدة سامية غالب (36 عاماً) معاناتها في جلب المياه، قائلة: “نبذل جهوداً مضاعفة في سبيل الحصول على لترات قليلة من الماء، ونطوف العديد من القرى البعيدة بشكل يومي”.

وتضيف سامية خلال حديثها لمنصة ريف اليمن: “أخرج من منزلي السابعة صباحاً باتجاه وادي سديم، في الحدود مع عزلة بني يوسف، رفقة 18 سيدة من الجيران، ونقطع مسافة طويلة مشيًا على الأقدام، ثم نعود إلى بيوتنا في الساعة الحادية عشر ظهراً، وكل واحدة منا تحمل نحو 20 لتراً من الماء فوق رأسها”.

وينعكس جلب المياه من مسافات بعيدة سلباً على النساء في قرية ذي الجُمال، ويؤثر على صحتهنّ، وقد تتعرض إحداهن للأمراض المزمنة، كما في حالة السيدة روان صالح (اسم مستعار)، التي تعاني من ألم في العمود الفقري والمفاصل منذ 7 سنوات.


    مواضيع ذات صلة


سد القرية الذي كان يزود المواطنين بالمياه قديما ويعود تاريخ بنائه إلى عشرات السنين

تقول روان (39 عاماً) لمنصة ريف اليمن: “بدأت أشعر بالألم قبل 7 سنوات، وأبلغت زوجي بذلك، لم يهملني وأسرع بنقلي إلى المستشفى، وعند زيارة الطبيب منعني من حمل الأشياء الثقيلة حينها، لكنني لم أمنتع لأني ربة بيت وملزمة بجلب الماء للمنزل”.

وأوضحت: “تدهورت حالتي الصحية، وأصبت باحتكاك فقرات العمود الفقري والانزلاق الذي جعلني أقعد في البيت مقيدة لا أستطيع الخروج، إضافة إلى تورم في رأسي بدأت أشعر به منذ العام الماضي”.

وتكمل: “عند زيارة الطبيب أخبرني بأن ذلك ناتج عن مضاعفات حمل الأشياء الثقيلة على رأسي لمسافات طويلة منذُ الطفولة، وقرر إجراء عملية جراحية في مصر، لكن ظروفنا الصعبة التي نمر بها حرمتني من إجراء العملية حتى اللحظة”.

آمال معلقة للحصول على الماء

وبحسب منظمة اليونيسف، فإن 17.8 مليون نسمة من سكان المناطق الريفية في اليمن، يواجهون صعوبة كبيرة في الحصول على مياه الشرب، 50% منهم من الأطفال. في حين تُظهر بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن” اليمن واحد من أكثر البلدان معاناة من شحة المياه في العالم؛ إذ تؤثر أزمة المياه على الملايين يومياً”.

وفي ظل هذه المعاناة، يعلق السكان الآمال على إمكانية ترميم السدود الموجودة في القرية، والتي بعضها يعود إلى عشرات السنين، حيث كانت تزود الأهالي بالماء وتخفّف من معاناتهم قديماً، ويوضح عصام عبدالله (أحد السكان)، أن شحة المياه تُعد مشكلة كبيرة، ومتسمرة منذ سنوات.

أحد المواطنين في القرية، كان قد شرع في بناء خزان لمنزله لكنه لم يتمكن من إكماله، فتبرّع به قبل أربع سنوات ليكون مشروع خيري يستفيد منه سكان القرية، لكن لم يستكمل حتى الآن، حسب ما أفاد مواطنون لمنصة ريف اليمن.

ويشير الناشط المجتمعي حلمي علي، إلى أن سد القرية الذي كان يزود المواطنين بالمياه قديما، تعرّض للإهمال في الثمانينات وملاته الاتربة والأحجار مما زاد من معاناة ابناء المنطقة بشكل كبير، موضحا أن هذا السد الذي يقع وسط قرية ذي الجمال والمعروف بـ “سد الزيلة” يعد معلماً تاريخياً يعود لعشرات السنين واستخدموه ابناء القرية للتخفيف من معاناتهم في الحصول على المياه.

الخزان الذي تبرّع أحد المواطنين لصالح القرية لكنه لم يستكمل حتى الآن بسبب انعدام الدعم

من جانبه قال شيخ قرية ذي الجُمال طارق الخطيب لمنصة ريف اليمن إن “سد الزيلة تم إعادة ترميمه عقب الإهمال بجهود ذاتية من قبل الأهالي، ثم محاولة البناء بشكل هندسي بين عامي 2012/2013، لكن العمل تعثر بسبب عدم توفر الدعم المالي، وغياب الجهات الداعمة؛ مما أصاب السكان باليأس والإحباط”.

الحل مشروع مياه

يؤكد الخطيب على استمرار الجهود لتوفير مشروع مياه يخفف من معاناة السكان، إذ سبق وأن قام بزيارة أحد رجال الأعمال في مدينة عدن، جنوبي اليمن، عام 2021 من أجل الحصول على التمويل، وتم الاتفاق على تأهيل سد الزيلة والسد الذي تبرع به أحد المواطنين، لكن تقاعس الداعمين حال دون تنفيذ المشروع حتى وقتنا الحالي، كما يقول.

لافتا أنه تم متابعة الجهات الحكومية خلال الفترة الماضية، ومطالبتها بعمل مشروع مياه للقرية، وقامت السلطة المحلية في المديرية برفع مذكرة رسمية لمحافظ المحافظة، لكننا لم نحصل على شيء سوى الوعود”.

يشدد الخطيب على أهمية إنشاء مشروع مياه مستدام للاستفادة من مياه الأمطار الموسمية بدلًا من هدرها. ويؤكد أن تنفيذ المشروع سيخفف من معاناة السكان ويوفر المياه لأكثر من 6,500 نسمة من القرية والمناطق المجاورة.

ويؤكد حافظ إبراهيم (22 عاماً) -وهو أحد سكان القرية- لمنصة ريف اليمن، أنه “في حال تم تمويل المشروع من قبل جهات داعمة، سواءً منظمات دولية، أو جهات حكومية، أو فاعلي خير؛ سوف يساهم بإنهاء معاناة السكان المستمرة منذ سنوات”.

وفي ظل هذه المعاناة اليومية، يواصل سكان “ذي الجُمال” مناشدة الجهات الحكومية، والمنظمات الدولية، وفاعلي الخير لدعم مشروع المياه الذي يُعد شريان الحياة للقرية. ومع تفاقم الأزمة في فصل الشتاء، يأمل السكان أن تجد نداءاتهم استجابة تنهي معاناتهم المستمرة.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: