تعيش قرية الخَلل بمديرية الصلو جنوب محافظة تعز، كابوسًا يوميًا مع صخور ضخمة تحاصر منازلها، أبرزها صخرة عملاقة تعرف محليًا بـ”قلعة السفينة”، لكبر حجمها، والتي قد يؤدي سقوطها إلى كارثة إنسانية، الأمر الذي أجبر العديد من سكان القرية للنزوح إلى مدرسة حكومية، بينما نزح آخرون إلى قرية قريبة، بحثا عن الأمان.
ويقول مروان عبد الحميد، أحد سكان القرية:” نزحنا خلال موسم الأمطار إلى مدرسة القرية بعد أن سقطت أول صخرة، لكننا عُدنا بعد أن طُلب منا إخلاؤها عند بدء العام الدراسي، وأجبرنا للعودة، ومن نزحوا للقرى المجاورة، واجهوا تحديات إضافية بسبب نقص المساكن ومجاورتها لمناطق الصخور الخطرة.
العيش تحت رحمة الصخور
ويضيف خلال حديثه لمنصة ريف اليمن:”أوضاعنا معقدة، نعيش الآن في خوف دائم تحت الصخور، ولا يوجد من ينظر إلينا، نبحث حتى عن خيام للعيش فيها. ويتابع: “المدرسة التي نزحنا إليها هي الأخرى مهددة، وقد سقطت صخره كبيرة أدت إلى تدمير أحد فصولها، لكنها لم تخلف ضحايا كونها سقطت ليلاً، ولا يوجد حيلة لأهالي القرية سواء انتظار ما قد يكتبه القدر”.
مواضيع ذات صلة
المحويت: أسرة “البِرْص” ضحية جديدة للانهيارات الصخرية
“الخشابي” قرية في إب يهدّد سكانها الموت بمنازلهم
سُكان المنازل القديمة.. معاناة صامتة بسبب الأمطار
وبحسب عوض عبده قائد، رئيس مجلس القرية، فإن أغلب سكان القرية مهددون بالخطر، لافتا أن الصخور المتدلية قد تتسبب بكارثة، وخسائر كبيرة في الأرواح، وتدمير الممتلكات والأراضي الزراعية التي يعتمد عليها السكان، مناشدا السلطات المحلية بالنظر الى وضع القرية، وعمل حل للصخور المعلقة قبل حلول الكارثة.
ويصف الإعلامي محمد رشاد وضع الأهالي بالمأساوي، لافتا إلى أن الطريق الوحيد التي تم شقها للقرية بداية العام الجاري بجهود المواطنين وتعاون بسيط من السلطات، أصبحت خراباً وغير صالحة للعبور بسبب الصخور التي تساقطت عليها خلال موسم الأمطار”.
وأدت الصخور إلى قطع الطريق الخاص بالقرية التي يبلغ عدد سكانها 4948 نسمة حسب التعداد السكاني لعام 2004، الأمر الذي جعلهم يلجئون للحمير لنقل الأمتعة والمواد الغذائية، والأشياء الاخرى التي يحتجون إليها.
ويؤكد رشاد أن الخطر الذي يدركه السكان هو مجرد “قطرة في محيط”، فالانهيارات الصخرية التي حدثت قبل أشهر كشفت عن صخور مهددة بالسقوط في أي لحظة، دون وجود أي تدابير لحماية القرية وسكانها.
أوضاع معقدة
وضع السكان الذين نزحوا من منازلهم ليس جيداً، ويعيشون مرارة مفارقة الديار وشظف العيش، يقول مروان عبد الحميد أحد الذين نزحوا خلال موسم الأمطار، لكن النزوح أصبح خيارا إجباريا، كون البديل هو البقاء تحت رحمة الصخور المعلقة التي لا يفصلها عن السقوط سوى سنتيمترات قليلة. يضف مروان لمنصة ريف اليمن.
ويتابع :”نزحنا عندما سقطت أول صخره قبل ثلاثة اشهر من الآن، واتجهنا إلى مدرسة القرية، ولم نجد مكان اخر بديلاً لها، وبسبب استئناف التعليم اخرجونا من المدرسة لإتاحة المجال أمام الطلاب”.
محمد الدرة، هو الآخر يعيش تحت رحمة تلك الصخور بسبب عدم قدرته على النزوح، ويُرجع السبب للظروف الاقتصادية، مشيرا أنهم أصحبوا محاصرين في قريتهم الصغيرة، وإن وجدت حالة مريضة لا يتمكنون من إسعافها جراء انقطاع الطريق، ويقومون فقط بإسعاف الحالات الحرجة.
الوضع في قرية الخَلل ليس استثناءً، فقرية الشعب بمديرية سامع المجاورة والتي تضم أكثر من 150 منزلًا، تعاني من نفس المشكلة، وأصبحت مهددة بصخور ضخمة تتصدّى لسقوطها حجارة صغيرة بالكاد تمنع الكارثة، وبين الحين والآخر تتساقط صخور صغيرة وتقطع الطرقات، ما يتسبب بأزمة في حركات التنقل من والى المديرية.
ذات المشكلة تعاني منها اجزاء من قرية المحافرة المجاورة، ويشير علاء قاسم أحد السكان، إلى أن الصخور الضخمة تبتعد شيئًا فشيئًا عن الجبل الذي خرجت منه، مما يجعلها أكثر عرضة للسقوط.
ويقول قاسم لمنصة ريف اليمن: “قبل سنوات، كنا لا نستطيع المرور منفردين بين الصخور والجبل، أما الآن فأصبح المرور متاحًا لأكثر من شخص في نفس الوقت، ما يعني أن الخطر أصبح وشيكًا، وتهدد تلك الصخور خمسة عشر منزلاً، تأوي أكثر من عشرين أسرة”.
مساعٍ ومناشدات
وبحسب محمد علي المشهوري أحد السكان، فإن مساعي مجتمعية كثيرة بذلت من أجل محاولة عمل حلول لتلك الصخور، لكن تلك الجهود تعرقلت كونها فردية وبسيطة، غاب عنها الدعم والمساندة من الجهات الحكومية التي تتجاهل المخاطر التي تهدد حياة السكان.
ووجه نضال الجمالي، أحد أبناء المنطقة، مناشدة عاجلة للسلطات المحلية في محافظة تعز ومديرية الصلو على وجه الخصوص، وكذلك للمنظمات الإنسانية، للتدخل ووضع حلول جذرية للانهيارات الصخرية التي تهدد المنطقة منذ سنوات.
وقال الجمالي:” الانهيار الصخري المتوقع أشد خطورة مما يمكن تخيله، إذا لم يتم التعامل معه بسرعة، فسيؤدي إلى كارثة إنسانية تفوق قدرة السكان على مواجهتها، محملا الجهات الحكومية المسؤولية الكاملة في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم وتعرض المنطقة لأي كارثة إنسانية.
وباتت الانهيارات الصخرية المتكررة في الكثير من المناطق والقرى الريفية تشكل خطراً على حياة السكان، وبحسب رصد منصة ريف اليمن، فقد بلغت عدد الانهيارات الصخرية في مختلف أنحاء البلاد 19 حالة انهيار تاركةً خلفها العديد من الضحايا، بالإضافة إلى تدمير كبير للممتلكات.
وفق دراسات، فإن الانحدار الشديد للجروف الصخرية، إلى جانب الأمطار الغزيرة، عوامل رئيسية تسهم في تفكك الصخور وسقوطها، في حين يلعب النشاط البشري، مثل إزالة الغطاء النباتي والحفر العشوائي، دورًا في تفاقم المشكلة، وحدوث الانهيارات الصخرية.