يُعد وادي الضباب، الواقع جنوبي غرب مدينة تعز، أحد أهم الوديان الزراعية في اليمن، حيث يمثل شريانًا حيويًا يزود سكان المدينة بالمحاصيل الزراعية المختلفة، وعلى الرغم من التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، يظل الوادي ثروة طبيعية تعزز الأمن الغذائي للمدينة.
تربة خصبة ومحاصيل متنوعة
يمتد الوادي على مساحة واسعة، ويتميز بتربته الخصبة ووفرة مياهه العذبة، مما يجعله من الوديان المثمرة التي تزخر بالعديد من المحاصيل الزراعية المتنوعة، ومصدر رزقٍ أساسي للمزارعين. ويعيش حوالي 70 في المائة من اليمنيين في مناطق ريفية ويعتمدون بشكل كبير على الزراعة كمصدرٍ حيوي للأغذية والدخل.
تتنوع المحاصيل التي ينتجها الوادي بين البن والمانجو والباباي، والخضروات كـ الطماطم، البصل، الخيار، الكوسة، البامية. هذه المحاصيل تساهم في سد جزء من احتياجات السكان، وتسهم في تحسين دخل المزارعين رغم الصعوبات.
مواضيع مقترحة
• الزراعة في حضرموت.. تدهور فاقمه تغير المناخ
• المناخ والصراع يهددان التنوّع البيولوجي باليمن
• حصاد الذُرة الرفيعة: مزارعون يقطفون غذاءهم
ويقول مدير مكتب الزراعة بالمحافظة عبدالله الدعيس :”يُزرع في الوادي ما يقارب 60 هكتارًا من الأراضي المروية، إلى جانب 80 هكتارًا تعتمد على الزراعة المطرية. ويوضح لمنصة ريف اليمن، أن الهكتار الواحد يُنتج سنويا من الطماطم حوالي 27 طنًا، ومن الكوسة 30 طنًا، بينما تصل إنتاجية البامية إلى 15 طنًا والبسباس إلى 12 طنًا.
فيما تُقدر إنتاجية الهكتار الواحد من الذرة الشامية بـ 2.5 طن ومن القمح بـ 1.5 طن، وتعكس هذه الأرقام إمكانيات الوادي الكبيرة في توفير المحاصيل الأساسية للسكان، ما يؤكد ضرورة أهمية الدعم لتطوير القطاع الزراعي لزيادة الإنتاجية، وتحقيق الاستدامة الغذائية والاكتفاء الذاتي.
ونوه مدير مكتب الزراعة أن الدعم المقدم للمزارعين يتم بالتعاون مع المنظمات والمؤسسات الشريكة الممولة، حيث يشمل توفير شبكات ري حديثة، بذور خضار وحبوب، بالإضافة إلى تنفيذ بعض المشاريع الخدمية الجماعية، وأدوات ما بعد الحصاد.
صعوبات وخطط للدعم
ويعتبر القطاع الزراعي الذي يوظف ويدعم شريحة كبيرة من السكان – خاصة في المناطق الريفية الأكثر ضعفاً – المصدر الرئيسي للإنتاج الغذائي المحلي وجزءً بالغ الأهمية في تعزيز الأمن الغذائي في بلد يعاني من الجوع على نطاق واسع.
مدير مكتب الزراعة أشار إلى خطط مستقبلية لدعم مزارعو الوادي، من بينها إنشاء خزانات لحصاد مياه الأمطار، مع الإشارة إلى الحاجة الماسة لشبكات مياه حديثة.
وأكد أن الجهود ستتركز على دعم المزارعين من خلال توفير حراثات زراعية ومشاريع متكاملة تشمل شتلات، بذور، أسمدة، إلى جانب تقديم دورات تعليمية متخصصة تحت إشراف خبراء عند تنفيذ تلك المشاريع.
كما نوّه إلى أن الخطط ستتضمن دعم مزارعي البن عبر توفير شتلات جديدة، وتنظيم دورات تدريبية تجمع بين الجوانب النظرية والتطبيقية، إلى جانب توفير الأسمدة المناسبة.
وأشار إلى أهمية الإرشادات الدورية حول عمليات الجني، التجفيف، التقشير، والطحن، معربًا عن أمله في أن تسهم هذه الجهود المستمرة في تحقيق تحسينات ملموسة في القطاع الزراعي ودعم المزارعين بشكل مستدام.
ويُسهم دعم المزارعين في زراعة وبيع محاصيلهم في بناء مجتمعات صحيّة تتميّز باكتفائها الذاتي. ويعد الإنتاج والاستهلاك المحلي أمرين حيويين لتنمية اقتصاد أخضر في بلد تأثّر بشدة من تبعات الصراع، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن.
المزارع حسن قائد، البالغ من العمر 35 عامًا، قال إن المزارعين في وادي الضباب يعانون كثيرا وهم بحاجة ماسة للدعم المادي لتحسين قدراتهم الزراعية. لافتا أن ارتفاع أسعار بشكل كبير ضاعف الأعباء عليهم، حتى باتوا غير قادرين على توفير الأساسيات اللازمة لمواصلة الزراعة.
وأضاف قائد لمنصة ريف اليمن، أن العائدات من المحاصيل الزراعية أصبحت غير كافية لتغطية التكاليف، مما أجبر العديد من المزارعين على ترك الزراعة أو الاتجاه إلى زراعة محاصيل أخرى يرون أنها ذات مردود مالي أفضل كالقات.
آفات زراعية
ويتفق الحاج حسن نبيل، البالغ من العمر 40 عامًا، مع قائد، إذ أكد أن الزراعة أصبحت مكلفة بشكل غير مسبوق مقارنة بالسنوات الماضية، لافتا أنه لم يعد باستطاعته تحمل المزيد من الخسائر المالية.
وللهروب من الخسائر، لجأ العديد من المزارعين إلى استبدال المحاصيل المكلفة بزراعة قمح الهند، الذي يتطلب تكلفة أقل مقارنة بزراعة الخضروات التي تتطلب أسمدة ومبيدات، واهتمام من البداية حتى النهاية، وفقا للحاج حسن.
إلى جانب تحديات التكاليف التي تواجه المزارعين، برزت مؤخرا صعوبات جديدة تتمثل بأمراض وأوبئة زراعية لم تكن تتواجد سابقا، تصيب المحاصيل وتكبد المزارعين خسائر إضافية، ما يجعل الكثير من المزارعين يواجهون صعوبات مركبة.
ويُعتبر مرض “الحُراق” من أبرز هذه الأمراض بحسب المزارعين، حيث يُصيب الأشجار قبل أن تنضج الثمار، مما يؤدي إلى تدمير المحصول بشكل كامل. يحارب المزارعون هذا المرض منذ سنوات عديدة، ولكن نقص المواد الفعّالة لمكافحته يجعل من الصعب التغلب عليه، مما يدفع بعض المزارعين إلى اللجوء لزراعة محاصيل أكثر مقاومة.
كما تعد حشرة ذبابة الفاكهة من أهم الآفات التي تصيب ثمار المحاصيل الزراعية، وهي واسعة الانتشار ومتعددة العوائل النباتية، حيث تسبب تلفًا لثمار محاصيل الفاكهة وبعض محاصيل الخضار، مما ينجم عنه خسائر اقتصادية كبيرة.
ويواجه الأمن الغذائي في اليمن تحديات متعددة، ويعتبر القطاع الزراعي المصدر الرئيسي للإنتاج الغذائي المحلي وجزءًا بالغ الأهمية في تعزيز الأمن الغذائي في بلد يعاني من الجوع على نطاق واسع، ويستورد حوالي 85٪ من غذائه.
صورة الغلاف: مجيد الضبابي