الصرف الصحي في سامع: تلوث للمياه وأوبئة تهدد السكان

بلغت عدد الإصابات بالكوليرا منذ بداية الأمطار 745 حالة بحسب صحة تعز

الصرف الصحي في سامع: تلوث للمياه وأوبئة تهدد السكان

بلغت عدد الإصابات بالكوليرا منذ بداية الأمطار 745 حالة بحسب صحة تعز

يواجه سكّان المناطق الريفية بمديرية سامع جنوب محافظة تعز، مشكلة بيئية خطيرة، وسط مخاوف من تفشي الأمراض والأوبئة جراء التصريف العشوائي للمجاري بسبب غياب خدمات الصرف الصحي، وتلوث مياه الشرب، الأمر الذي يهدد السكان، خاصةً عقب التوسع العمراني بالقرب من منابع المياه والعيون الطبيعية.

وتقع مديرية سامع جنوب محافظة تعز، ويبلغ عدد سكانها 41464، نسمة، وفقا لنتائج التعداد السكاني لعام2004م ويفتقرون لأبسط الخدمات والمشاريع التنموية والخدمية من أبرزها غياب خدمات الصرف الصحي؛ إذ يقوم السكان بتصريف مياه المجاري من منازلهم إلى الطرقات والأزقة والأراضي الزراعية.

عشوائية الصرف الصحي

يقول عبده علي وهو أحد سكان عزلة حوراء بريف سامع لمنصة ريف اليمن: “مياه الصرف الصحي تملأ الشوارع والأحياء السكنية، كثير من السكان ينقلون مياه المجاري إلى مجاري السيول والطرقات”.

وأضاف علي: “يبني السكان القاطنون في أعالي الجبل منازلهم فوق أراضي جبلية قوية، ولا يستطيعون الحفر فيها بشكل عميق، فيلجؤون إلى الحفر أسفل الجبل ثم إيصالها بدورات المياه بمنازلهم، لكنها سرعان ما تفيض إلى مجاري السيول والطرقات”.

ويلفت النظر إلى أن سكان القرى المتوسطة والسفلى بعزلة حوراء، كانوا يعتمدون على عيون ماء تقع بالقرب من قراهم، لكن مع انتشار مياه الصرف الصحي نتيجة اقتراب السكن من تلك العيون، أصبحت غير صالحة للشرب، واضطر السكان للبحث عن مصادر مياه آمنة.

الصرف الصحي في سامع: تلوث للمياه وأوبئة تهدد السكان
مستنقع بالقرب من منازل المواطنين في عزلة حوراء بمديرية سامع جنوب تعز(ريف اليمن/ محمد السامعي)

من جانبه قال رهيب هائل وهو صحفي ينحدر من عزلة بني أحمد: “خدمات الصرف الصحي في العزلة بشكل خاص وسامع بشكل عام عشوائية يحفرها المواطنون، ولا توجد شبكة صرف صحي أو وسائل للتصريف الصحيح في أغلب القرى”.

ويضيف هائل لمنصة ريف اليمن: “كثير من السكان يشرع بوضع حفرة صغيرة جوار منزله لتستقبل مياه الصرف الصحي حتى تمتلئ، ثم تُفرّغ إلى الأراضي الزراعية القريبة من المنازل، وفي بعض القرى، توضع بالقرب من مجاري السيول وأثناء هطول الأمطار، ويقومون بتصريفها مع مياه السيول، مما قد يتسبب بكارثة على البيئة والإنسان”.

وتابع: “الحفر العشوائي جوار المنازل بالإضافة للمخاطر الصحية قد يسبب أضرارا على البيوت، ويُفقد كثيرا من الأراضي الهامة قيمتها إذا ما فكر الإنسان في البناء فيها مستقبلاً”.

ويشير إلى أن التصريف العشوائي للمجاري سبّب تلوثا لعدد من منابع الماء؛ لأن المنطقة جبلية وتحتوي على كثير من العيون والآبار بالقرب من مساكن المواطنين، وبذلك تتحول هذه المياه إلى مصدر للفيروسات والأمراض”.

وتشير تقارير دولية، إلى أن أكثر من 14 مليون شخص يحرمون من إمدادات المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي وجمع القمامة في اليمن.

مستنقعات ناقلة للأمراض

مع حلول فصل الصيف وهطول الأمطار، سيكون أمام أهالي المديرية تحدٍّ جديد، حيث تنتشر مياه المجاري في الأحياء السكنية، وسوف تتحول إلى مستنقعات ناقلة للأمراض والأوبئة مثل الملاريا وحمى الضنك والكوليرا وغيرها من الأمراض، في ظل غياب مراكز صحية مؤهلة.

يقول الدكتور محمد عبد الكريم وهو أحد العاملين في المركز الصحي لعزلة حوراء: “إن مياه الأمطار التي تبقى في المستنقعات والبرك والمجاري المكشوفة تختلط مع مخلفات الصرف الصحي، وستصبح مصدر قلق بيئي، وبيئة مناسبة لتجمع البعوض والجراثيم والبكتيريا المسببة للأمراض، وستصبح كارثة وخطر يهدد المجتمع”.

ويوافقه الرأي الدكتور صابر السامعي قائلاً لمنصة ريف اليمن: “مصادر المياه الملوثة هي السبب الرئيسي في انتقال الأوبئة والفيروسات مثل الكوليرا والملاريا وحُمى الضنك، وتتمثل طرق انتقال العدوى في شرب المياه من مصادر غير آمنة، مثل البرك والغيول، والآبار المكشوفة وشرب ماء ملوث بمياه الصرف الصحي”.

الصرف الصحي في سامع: تلوث للمياه وأوبئة تهدد السكان

وفي مطلع صيف العام الجاري، عاود وباء الكوليرا في الانتشار في كثير من المناطق الريفية بمختلف المحافظات اليمنية من بينها ريف محافظة تعز؛ إذ يقول تيسير السامعي وهو نائب مدير إدارة الإعلام والتثقيف الصحي بمكتب وزارة الصحة بالمحافظة: “إن عدد الإصابات بوباء الكوليرا منذ بداية موسم الأمطار هذا العام بلغت 745 حالة، وبلغت عدد حالات الوفاة 11 حالة”.

ويضيف السامعي لمنصة ريف اليمن: “مديرية سامع النائية محرومة من الخدمات وستكون من أكثر مديريات الجمهورية تأثرا بالكارثة التي تهدّد البلاد، السكان يواجهون الأوبئة والأمراض بشكل يومي، بل تقطن بالقرب من منازلهم وفي أراضيهم الزراعية ومصادر المياه”.

وتتزايد المخاوف من تفشي الأمراض والأوبئة في صفوف الأطفال بدرجة كبيرة؛ لأنهم أكثر الفئات خروجاً للأحياء السكنية، فهم يمارسون اللعب بشكل يومي.

ويُذكر أن كثيرا من المناطق الريفية بريف تعز تفتقر لوجود الخدمات وإلى المرافق الصحية بالإضافة إلى انقطاع الطرقات التي كانت تربط مديريات ريف تعز مع المدينة، مما قد يتسبب بمعاناة أخرى تتمثل بنقل المصابين لتلقي العلاج في المستشفيات الحكومية والخاصة في المدينة.

حلول لتجنب الكارثة

في ظلّ المخاطر الكبيرة التي يواجهها سكان مديرية سامع بريف محافظة تعز، جراء غياب خدمات الصرف الصحي وتلوث المياه، تُقترح بعض الحلول لذلك، يقول الصحفي رهيب هائل: “أهم الحلول تتمثل في شبكة الصرف الصحي ونقلها إلى مناطق مخصصة، بعيدة عن القرى كي يتجنب الناس الكارثة والأوبئة”.

ويحذّر هائل من خطر وقوع الكارثة قائلاً لمنصة ريف اليمن: “إذا استمرّ هذا الحال، فلن تستطيع الدولة مستقبلاً بناء هذه الشبكة بسبب البناء العشوائي والحفر غير منظم للمنازل، لذلك على السلطة المحلية الاهتمام بالمناطق الريفية ووضع شبكات للصرف كي لا يتسبب ذلك بحدوث مشاكل بيئية”.

من جانبه قال الدكتور عبد الكريم: “الطريقة التي يجب بها معالجة مشكلة الصرف الصحي بريف سامع والمناطق الريفية تتمثل في القيام بمعالجة هذه المستنقعات والبرك بطرق سليمة، وهي ردم هذه المستنقعات وحفر مجاري الصرف الصحي وإغلاقها”.


واختتم حديثه مشدّدا على ضرورة الاهتمام بالنظافة الشخصية وإغلاق النوافذ والأبواب، وعمل ناموسيات وهذه أهم وأفضل الحلول في الوقت الحالي لتجنّب الإصابة بالكوليرا والأوبئة والأمراض الأخرى.

وقفزت أرقام الإصابات المسجلة بالكوليرا في اليمن إلى أكثر من 63 ألف شخص، وهي بنسبة زيادة تجاوزت 200% من الحالات التي سجلت في نهاية أبريل (نيسان) الماضي، وفق بيانات حديثة منسوبة إلى السلطات الصحية، وسط تحذيرات من أن هذا الارتفاع يشكّل خطراً على حياة الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: