“سُور ريمة” مبادرة تطوي عقود مِن المعاناة

مناشدات بسرعة التدخل لإنقاذ ما أُنجز واستكمال الأعمال المتبقية

“سُور ريمة” مبادرة تطوي عقود مِن المعاناة

مناشدات بسرعة التدخل لإنقاذ ما أُنجز واستكمال الأعمال المتبقية

احتفلَ سُكّان قرية نُعمة بمديرية الجعفرية محافظة ريمة، في إبريل/ نيسان 2023، بعبور أول سيارة إلى قريتهم لأول مرة منذ عقود، وكانت فرحتهم كبيرة بهذا الإنجاز، بعد شقّ طريق بتعاون مجتمعي استمر 5 سنوات.

وتمكّنت مبادرة تعاونية مجتمعية مِن شقّ طريق وبناء سور في جبال شاهقة، بجهود ذاتية غالبيتها بتمويل المغتربين، لكن المشروع الذي تداولت صوره وسائل التواصل الاجتماعي، لم يكتمل وما زال بحاجة للدعم والمساندة.

"سُور ريمة" مبادرة تطوي عقود مِن المعاناة
صورة تُظهر بداية أعمال الشق والتجهيز خلال العام 2023 من قبل مبادرة مجتمعية(ريف اليمن/ محمد اليفوزي)

وبعد مرور عام مِن فتح الطريق، ما زال بحاجة إلى توسعة الأماكن الضيقة، وبناء جدران ساندة، وإنشاء أنظمة تصريف مياه الأمطار التي تهدّدها بالخراب، خاصةً مع موسم هطول الأمطار الغزيرة في المنطقة الجبلية.

وتبعد محافظة ريمة عن صنعاء بنحو 200 كم، وهي إحدى المحافظات اليمنية التي استُحدثت عام 2004، وفيها 6 مديريات، وهي ذات طبيعة جغرافية وعرة وفيها جبال شاهقة في الارتفاع.

يُقدّر سكانها بنحو 400 ألف، وتتعقد تضاريسها بكثرة الالتواءات وشدة الانحدارات وتقع مديرية الجعفرية في القسم الغربي للمحافظة، ويصل ارتفاع الجبال فيها إلى 1800 متر عن مستوى سطح البحر، وهي كثيرة الصخور قليلة السهول.

وخلال السنوات الماضية، برزت المبادرات المجتمعية التعاونية في تعبيد وشقّ الطرقات في مختلف المناطق اليمنية، بتمويل من الأهالي والتجار والمغتربين، وأسهمت في التنمية بالريف وتخفيف معاناة المواطنين.

صورة تُظهر مدى ارتفاع سور ريمة الذي بناه مواطنون بمبادرة مجتمعية (ريف اليمن/ محمد اليفوزي)

قصة سور ريمة

قبل خمس سنوات، أطلق سكان القرى الجبلية بمديرية الجعفرية مبادرة تعاونية عُرفت بسور ريمة، تمكّنوا فيها مِن شق طريق في الجبال الشاهقة إلى قُراهم، لتخفيف المعاناة، التي كان يتكبّدها السكان بنقل احتياجاتهم الأساسية وإسعاف المرضى، خصوصا النساء الحوامل وكبار السن.

شرع الأهالي في العمل باستخدام الآلات والمعدات التقليدية البدائية، كما أسهمت النساء بإعداد الطعام للعاملين، وعملَ التجار والمغتربون وميسورو الحال مِن سكان القرى المستفيدة على جمع الأموال، لشق الطريق التي تُعد شريان الحياة للمواطنين.

يبلغ طول الطريق نحو 6 كيلومترات، وقد أُسندت بجسور من الصخور الضخمة، يبلغ ارتفاع بعض الأماكن فيها نحو 10 مترات، ويبلغ طول السور نحو 120 مترا، ويُعرف بسور ريمة، وأسهمت كافة المناطق بالعمل، ويستفيد منه أكثر من 6 آلاف نسمة من السكان.

سيارة تقف على أطراف سور ريمة بعد استكمال تجهيزه (ريف اليمن/ محمد اليفوزي)

وقال المسؤول الإعلامي للمبادرة محمد عبد اللطيف اليفوزي: “استُعملت الأحجار والاسمنت في بعض المناطق، واستُعملت الآلات والمعدات الحديثة في عملية شقّ الطريق، بسبب الصعوبات التي كانت هائلة نتيجة للتضاريس الوعرة، لكن إصرار وعزيمة الأهالي كانت أكبر”.

ويضيف لمنصة ريف اليمن أن الطريق الذي أُصلح شريان خدمي وإنساني، سوف يخفف معاناة المواطنين في نقل احتياجاتهم الضرورية، وكذلك إسعاف المرضى الذي يتعرضون للوفاة في قمم الجبال، بسبب غياب المرافق الصحية وعدم وصول الطرقات إلى قراهم.

طي عقود من المعاناة

كان سكان قرية نُعمة يستخدمون الحمير والجمال لنقل احتياجاتهم من المواد الغذائية الأساسية، وكثير من احتياجاتهم الأخرى، في حين يفتقرون أيضا إلى وجود المراكز الصحية، وكان ذلك يتطلب إلى مشقّة سفر قد تنتهي أحيانا بوفاة المريض قبل وصوله لأقرب مشفى.

غيلان محمد علي (45 عاماً) –الذي يملك دكانا صغيرا- ساعدته الطريق الجديدة على نقل بضاعته بسهولة، وهو يشعر بالسعادة بعدما تمكّنت المبادرة من إنهاء معاناته، في مصدر دخله الوحيد الذي يعتمد عليه في تأمين الغذاء لأفراد عائلته.

كان غيلان يستخدم الحمير لنقل البضاعة من المدينة إلى القرية وهي مهمة غير سهلة، وقال لـمنصة ريف اليمن: “لم أكن أستطيع توفير معظم ما يحتاجه الزبائن، لكن بعد فتح الطريق وفرت غالبيته الاحتياجات الاستهلاكية”. وقال إنه يطوي سنوات مِن المعاناة، على غرار المئات من السكان الذين استفادوا من تعبيد الطريق بمختلف مجالات حياتهم.

مناشدة لاستكمال المشروع

بعد أن بذل الأهالي والسكان جهوداً كبيرة استمرت خمس سنوات، أصبح بمقدور سيارات الدفع الرباعي العبور إلى القرى الجبلية بمديرية الجعفرية. ومع إكمال الأعمال المتبقية، ستكون الطريق متاحة لعبور السيارات الصغيرة والحافلات بشكل طبيعي دون أي صعوبات.

وبعد مرور عام من افتتاح الطريق يواجه السكان مشكلات متعدّدة جراء عدم إكمال العمل بشكل نهائي، إذ يواجه سائقو السيارات صعوبات بفعل سيول الأمطار والسيول التي جرفت التربة بسبب عدم وجود ممرات تصريف المياه.

مواطنان يقومان بإزالة مخلفات البناء من جانب سور ريمة(ريف اليمن/محمد اليفوزي)

طارق عبد الجبار (45 عاما) سائق سيارة قديمة، ويعمل في نقل الخدمات للمواطنين في قرية نُعمة، شكى من صعوبة عبور سيارته في الطريق، ودعا إلى تكاتف الجميع لإتمام جهود سنوات من الجهد الذي قام به الأهالي والسكان في سبيل تخفيف معاناتهم في مختلف مجالات حياتهم اليومية.

المسؤول الإعلامي للمشروع محمد اليفوزي أكد أنهم بحاجة إلى القيام بتوسعة المساحات الضيقة، وبناء جدران ساندة وتصريف مياه السيول. وأضاف لريف اليمن: “السكان استنفذوا كل طاقتهم وبذلوا ما بوسعهم في المشروع وتقاسموا قوت أبنائهم لدعم مبادرة شقّ الطريق الذي استمر لسنوات”.

ويختم عبد اللطيف اليفوزي بتوجيه مناشدة عاجلة إلى الجهات الحكومية والمنظمات والصندوق الاجتماعي للتنمية وجميع رجال الأعمال والمغتربين والميسورين إلى سرعة التدخل، وإنقاذ ما أُنجز واستكمال الأعمال المتبقية.

 

مواطن كبير بالسن يمر من على سور ريمة(ريف اليمن/محمد اليفوزي)
شق سور ريمة في جبل شاهق
صورة توضح التضاريس المعقدة التي يعمل فبها على شق الطرق
أججار طويلة ضخمة تم بناء الجسر فيها
شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: