تعز.. محل للتطريز يغير حياة “ابتسام” بقرية الشراجة

كيف بدأت مشروعها من الصفر وأصبح مصدر للعيش في أسرتها؟

تعز.. محل للتطريز يغير حياة “ابتسام” بقرية الشراجة

كيف بدأت مشروعها من الصفر وأصبح مصدر للعيش في أسرتها؟

بعد كفاح مستمر، تمكّنت السيدة ابتسام سعيد (35عاما)، من افتتاح محل تطريز الملابس بمنزلها في قرية الشراجة، بمديرية جبل حبشي بمحافظة تعز، كمشروع صغير سعت لتحقيقة.

عاشت ابتسام أوضاعا معيشية قاسية، تفتقر إلى أبسط الاحتياجات الضرورية، لكن تدشين مشروعها عام 2018 ساعدها على تغيير حياتها وعائلتها التي كابدت معها تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية للأفضل، في بلد يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

قصة إبتسام

تقول ابتسام لمنصة ريف اليمن: “انطلقت في رحلتي من الصفر، وكانت أمنيتي مليئة بالأمل عندما تعلمت مهارات الخياطة. افتتاح مشروع خياطة وتطريز الملابس داخل منزلنا، كان الوسيلة الوحيدة التي ساعدتني على توفير لقمة العيش لأفراد عائلتي”.

وتضيف: “بدأت المشروع برأس مال محدود  150 ألف ريال”، (الدولار 1780 ريالا)، وقد مولته من مدخراتها الشخصية، ثم طورت ابتسام مشروعها بتحسين جودة منتجاتها، وتوسيع تنوعها، وزيادة شبكة عملائها بالتسويق المحلي، مما ساعدها على تحقيق نجاح في مشروعها، واستطاعت توفير دخل للأسرة وتحسين ظروفهم المعيشية.

ابتسام هي واحدة من بين مئات النساء اللواتي تحملن أعباء مضاعفة وممارسة الأعمال والمهن من أجل مساندة أهاليهن وتغطية نفقاتهم اليومية.

وتشير إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2018م، أن عدد الأسر التي تعيلها نساء في الريف بلغت حوالي (274.3) ألف أسرة تمثل 11.1% من إجمالي الأسر في ريف اليمن، وتشير التقديرات إلى أن 21 بالمائة من الأسر التي تعيلها نساء؛ هن نساء أعمارهن أقل من الثامنة عشرة.

وسيلة للعيش وتعزيز الاقتصاد

وخلال رحلتها مع مشروعها، واجهت ابتسام تحديات كثيرة أبرزها، كما تقول، نقص الموارد المالية، وضغوطات السوق، وصعوبات في التسويق لمنتجاتها، لكنها لم تستلم، بل بحثت عن وسيلة جديدة لإنعاش المشروع وتقوية رأس المال.

انضمت ابتسام إلى مشروع مجاميع الادخار والإقراض الريفي، والتحقت بمجموعة يبلغ عدد أعضائها نحو 25 عضوا في قريتها، وكانت تدفع كل شهر مبلغا يتراوح بين ألفين إلى ثلاثة آلاف ريال، موضحة أن انضمامها كان له أثر في دعم وتكوين مشروعها بالشكل الأفضل.

وأوضحت أن مجاميع الادخار والإقراض الريفي يدعمها الصندوق الاجتماعي، وتعتمد على مبلغ مالي بسيط؛ إذ يسهم كل عضو بمبلغ محدد شهرياً، ويتم من خلاله إنشاء صندوق أموال مشترك، لتمويل المشاريع الفردية لكل الأعضاء المشاركين، ويهدف إلى إطلاق مشاريع صغيرة محددة لا تقتصر فائدتها على أصحابها ومجتمعاتهم فحسب.

الكاتب الاقتصادي فارس النجار قال: “إن المشاريع الاقتصادية النسائية في اليمن لها دور حيوي في تعزيز الاقتصاد المحلي، خصوصاً في المناطق الريفية النائية”.

ويضيف لمنصة ريف اليمن: “هذه المشاريع تسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للسكان، بتوفير فرص عمل جديدة، وزيادة الدخل، وتمكين النساء من المشاركة الفعالة في الحياة الاقتصادية”.

ويلفت النظر إلى أن تمكين النساء اقتصاديا يسهم في تقليل الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، ويعزز من استقرار المجتمعات الريفية، ويعطي الأمل لمستقبل أفضل للجميع.

وتُظهر البيانات أن النساء اللواتي يمتلكن مشاريع صغيرة يسهمن بنسبة 10-15% في دخل الأسرة، مما يساعد في تحسين مستوى المعيشة وتوفير التعليم والرعاية الصحية لأفراد الأسرة. لذا، يُعد دعم المشاريع الاقتصادية النسائية استثماراً مهماً لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في اليمن، وفقا للنجار.

حلم ابتسام بتوسعة المشروع

المواطن وهيب عبد الوهاب قال إن ما قامت به ابتسام  يمثل مصدر إلهام لكثير من النساء الريفيات، لشق طريقهن نحو مشاريعهن الخاصة، لافتا أن ابتسام تمثل أنموذج نجاح ووثبة نحو الحرية المالية والاعتماد على الذات.

ويضيف لمنصة ريف اليمن: “ينبغي على كل النساء في الأرياف الاستفادة من هذه التجربة، وهذا النجاح، وبكل تأكيد يدل هذا على أن نساء الأرياف يستطعن اجتراح المستحيل إذا ما توفرت لهن الإرادة وعوامل البدء في العمل.

ودعا الجميع إلى تشجيع مثل هذه الطموحات وتحويلها إلى واقع، فالطموح يبدأ بفكرة لينتهي بإنجاز، كما هو حال مشروع ابتسام التي صنعت من المعاناة إنجازا خفف ولو قليلا من عوزها المادي.

بعدما نجحت ابتسام بتحويل منزلها إلى صالة لعرض الملابس المتنوعة التي تقوم بتطريزها وبيعها لسكان القرية، تقول إنها تطمح إلى توسيع مشروعها، فهي مؤخراً بدأت تلتقط صوراً للفساتين ثم ترسلها عن طريق تطبيق الواتساب إلى مجموعات بهدف الترويج وكسب زبائن من قرى ريفية أخرى.

وعبرت عن سعادتها قائلة: “أصدقائي وجيراني يُثنون على جودة الملابس، ولذا أصبحوا مروّجين متحمسين للملابس التي أصنعها، مما شجعني على الاستمرار في المضي قدمًا، الترويج في الواتساب جذب عملاء من القرى المجاورة، وأحلم بافتتاح معمل الخياطة الخاص بي وتوسيع نطاق أعمالي ليشمل القرى المجاورة وحتى الأسواق القريبة”.

ووفقاً للإحصائيات، بلغت نسبة النساء المشاركات في القوى العاملة في اليمن حوالي 6.0% فقط، وهي نسبة متواضعة مقارنة بالمعايير الدولية، وبحسب البنك الدولي فإن ما يقرب من ثلثي اليمنيين لا يزالون يعتمدون على الزراعة لتلبية احتياجات معيشتهم الأساسية، ويعيش أكثر من 75% في المناطق الريفية، وتمثل النساء نحو 95% من القوى العاملة.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: