إنشاء معهد الخير بمنطقة بني شيبة بريف محافظة تعز، جنوب غرب اليمن، قام بدور مهم في تأهيل الشباب وتنمية قدراتهم، ومواصلة تعليمهم الجامعي، وفي تمكين الفتيات الريفيات بتعلّم عدد من الأشغال اليدوية المختلفة، وإلحاقهن بسوق العمل.
وقد أنشئ المعهد عام 2008، بتمويل من رجل الأعمال اليمنى الراحل علوان الشيباني، ويضم عددا من الأقسام، ويقدم مجموعة من البرامج التعليمية والدورات التدريبية المهنية، تتوزع بين الخياطة والتطريز، وقسم الكوافير، وقسم الحاسوب، واللغة الإنجليزية.
يقول مدير المعهد علي الحضرمي لمنصة ريف اليمن: “إن المعهد يُسهم في تقديم البرامج التعليمية لأبناء الريف في المنطقة، ويعمل على التأهيل الجامعي لخريجي الثانوية، وتعليم النساء الخياطة والتطريز، والأشغال اليدوية، والكوافير على مدار العام”.
ويقدم المعهد خدماته للطلاب والفتيات بغرض تنمية قدراتهم في التدريب والتعليم مجانا. ومن أجل خلق المنافسة وشحذ الهمم، يكرم المعهد أوائل الخريجين بمختلف الأقسام بجوائز مالية تشجيعية تتراوح ما بين 60 ألفا إلى 180 ألف ريال، كما يقدم المعهد منحا شهرية للطلاب الذين يحصدون المركز الأولى من خريجي برنامج التأهيل الجامعي في الفترة الدراسية.
تأهيل الطلاب بمعهد الخير
الطالب عزام عبد السلام (23 عاما) أحد أوائل المعهد، تخرج عام 2020 وحصل على الترتيب الخامس، وحظي بجائزة مالية تحفيزية بلغت 130 ألف ريال، ومنحة مالية للدراسة الجامعية.
يقول عبد السلام لمنصة ريف اليمن: “سافرت للدراسة بقسم الصيدلة بجامعة تعز عام 2021، وحاليا أنا في المستوى الثالث، وأحصل على منحة مالية من المعهد قيمتها 250 ريالا سعوديا شهريا”.
وأضاف: “بالمنحة أتمكن من توفير تكاليف الدراسة، وأحرص على بذل جهود كبيرة للحفاظ على المنحة؛ لأن بقاءها مرهون بحصولي على معدل سنوي يتجاوز 80 %، وذاك شيء يجعلني أكثر مثابرة وإصرارا على مواصلة التفوق”.
عبدالرحمن علي (24 عاما) تخرج أيضا من المعهد عام 2019، وحصل على الترتيب الثالث، ونال جائزة مالية قدرها ١٥٠ ألف ريال، وبعد تخرجه سافر إلى مدينة تعز لدراسة المحاسبة في جامعة العلوم والتكنولوجيا عام 2020.
يقول عبد الرحمن لمنصة ريف اليمن: “لأني أحد المتفوقين في دراستي الجامعية، أحصل على منحة مالية شهرية قدرها 300 ريال سعودي. توفر لي هذه المنحة مصاريفي الدراسية. بتُّ الآن على وشك التخرج من الكلية، ويعود الفضل في ذلك إلى المنحة المالية التي أحصل عليها”.
عزام وعبد الرحمن نماذج لطلاب كُثر، حصلوا على جوائز نقدية ومنح مالية للدراسة الجامعية، من إدارة المعهد تشجيعا للطلاب من أجل المنافسة للحصول على المراتب الأولى، في حين يوفر المعهد جميع الأدوات للتطبيق العملي أثناء التأهيل.
يؤكد الحضرمي أنه منذ تأسيس المعهد تخرج 752 طالبا وطالبة من برنامج التأهيل الجامعي، و286 متدربة في مجال الخياطة، و112 متدربة في مجال الأشغال اليدوية، ونحو 108 طالبات بمجال الكوافير.
ويضيف: “يوفر المعهد 8 فرص عمل مباشرة لأبناء المنطقة الذين يعملون في تيسير العملية التعليمية والتدريبية في المعهد، ناهيك عن توفيره عددا كبيرا من فرص العمل غير المباشرة للخريجات اللواتي يعملن بمجال الخياطة والتطريز والكوافير والأشغال اليدوية”.
تمكين النساء
السيدة نجوى (47 عاماً) إحدى خريجات المعهد، وقبل التحاقها بالدراسة، كانت تعيش حياة البؤس والقتامة في منزلها الواقع بعزلة بني شيبة الشرق بريف محافظة تعز، فلم تتمكن من مواصلة التعليم الدراسي كحال معظم فتيات الريف.
تقول خديجة: “لم أيأس، بل قررت الالتحاق بمعهد الخير بتاريخ 3 فبراير 2021”. بدأت نجوى حياتها من جديد وتمكنت من الدراسة وتعلم الخياطة والتطريز وتخرجت من المعهد في 1 فبراير 2022، وحصلت على الترتيب الثاني على الدفعة لتبدأ العمل في خياطة الملابس النسائية وتسويقها وبيعها للنساء في قريتها والقرى المجاورة لها.
تضيف نجوى لمنصة ريف اليمن: “أعيش في القرية منذ طفولتي، درست حتى الصف السادس، لكني لم أتوقع أن يأتي اليوم الذي سأمتلك فيه عملا يساعدني على إظهار قدراتي، ويوفر لي مصدرا للدخل، خاصةً أن معظم نساء الريف لا يحصلن على فرص عمل إلا فيما ندر، لكن توقعاتي لم تكن صائبة، فأنا أصبحت أعمل اليوم، وفي قريتي أيضا”.
وتعبر عن سعادتها الكبيرة بإعجاب نساء القرية بالملابس التي تقوم بخياطتها، ومن أجل ذلك يطلبن دفعات أخرى، ومنذ ذلك الحين، تعمل في خياطة وتطريز الملابس وبيعها بانتظام. وتستدرك قائلة: “تغير نمط حياتي، ولم تعد تقتصر مهامي على القيام بأعمال المنزل كامرأة ريفية، فالعمل في مجال خياطة الملابس وبيعها يجعلني أشعر بالفخر والرضا”.
وتعليقا على ذلك، تقول الناشطة سحر أمين: “إن المعهد وفر فرصا دراسية للطلاب، ولم يقف عند ذلك، بل عمل على التدريب العملي المجاني للنساء”.
وأضافت لمنصة ريف اليمن: “البرامج المهنية التي يقدّمها معهد الخير أسهمت في تمكين كثير من نساء منطقة بني شيبة-الشرق والمناطق المجاورة لها اقتصادياً، وأضحت كثير من خريجات المعهد يعملن في مجال الخياطة والتطريز والكوافير، وصرن يعتمدن على ذلك مصدرَ دخل لهنّ، وكل ذلك لم يكن متاحاً قبل إنشاء المعهد”.
ومثل المعهد نقطة تحول في حياة الفتيات اللاتي حُرمن من التعليم، ولا سيما في الأرياف، وتُشير إحصائيات الأمم المتحدة لعام 2023م إلى أنّ واقع تعليم المرأة في اليمن لا يزال دون المستوى المطلوب، وتبلغ نسبة حصول النساء والفتيات على التعليم 35%، بينما تنخفض هذه النسبة بشكل كبير عند الحديث عن فرص العمل المدفوعة الأجر، لتصل إلى 6% فقط.