جبل الحُشاء الضالع: وجهة سياحية خلاّبة

يتميز بوجود تراث معماري قديم بالإضافة لشلالات ومناظر خلابة

جبل الحُشاء الضالع: وجهة سياحية خلاّبة

يتميز بوجود تراث معماري قديم بالإضافة لشلالات ومناظر خلابة

يُعدّ جبل الحُشاء بمحافظة الضالع، واحدا من أهم الأماكن السياحية التي يقصدها الزائرون من محافظة الضالع، ومحافظات يمنية أخرى في موسم هطول الأمطار.

ويقع الجبل في الجنوب الغربي لمحافظة الضالع وسط اليمن، ويبلغ ارتفاعه 2000 متر على سطح البحر، ويشتهر بالمرتفعات الجبلية، والأودية الواسعة، والشلالات المتدفقة، والمناظر الطبيعية الخلابة، وهو يربط بين أربع محافظات يمنية: تعز، إب، الضالع، لحج.

ويتميز الجبل أيضا بوجود تراث معماري قديم أسهم في تحويله متنفّسا للزائرين؛ إذ يقصده كثير للترفيه عن أنفسهم بأقل التكاليف، رغم وعورة الطريق وغياب الخدمات.

“فاضل المحمودي، يقول لـ منصة ريف اليمن إنه،  يحرص على الذهاب مع أفراد عائلته إلى الجبل، من أجل مشاهدة المناظر الطبيعية في فصل الصيف، فهو مثل المئات من المواطنين يُفضل التنزه هناك، هربا من ضجيج المدينة، وبحثا عن الهدوء.

السياحة في جبل الحُشاء

يضيف المحمودي لمنصة ريف اليمن قائلا: “أذهب سنوياً مع أفراد الأسرة ثلاث زيارات إلى مناطق مختلفة في الجبل لقضاء وقت ممتع مع أجواء الطبيعة الخلابة والترفيه عن أنفسنا، نتناسى خلالها عن كل ضغوطات الحياة ومشاكلها”.

“ويتميز جبل الحشاء بطبيعة خلابة، ووجود أنواع المحاصيل الزراعية وآلاف الأشجار، ونستمتع بالهواء النقي بعيدًا عن ضجيج المدن، خاصةً عندما نصعد إلى جبل علمان الشاهق”، يقول المحمودي.

أما الشاب العشريني فهد الشَّغْدري الذي زار جبل الحشاء، فيقول: “وجدتُ نفسي في السماء أثناء زيارة الجبل الذي يطلّ على بلاد قَعْطبة والعَود والشِعِر وبَعدان التابعة لمحافظة إب، وأجزاء من محافظة تعز، ومن الناحية الجنوبية يطل الجبل على جبال الأزارق وعدن وجبال الضالع”.

ويضيف الشغدري الذي ينحدر من مديرية ماوية بمحافظة تعز لمنصة ريف اليمن أنه زار المعلم الأثري المتمثل بـ”قلعة صفاف”، وهي باحة سماوية كبيرة توجد فيها بركة رخامية، بالإضافة إلى زيارة أماكن أخرى، لافتا أن زيارة الجبل لا تحتاج إلى كثير من المال، على عكس الحدائق والمتنزهات في المدن.

جبل الحُشاء الضالع: وجهة سياحية خلاّبة
لقطة من أعلى جبل الحشاء في ريف محافظة الضالع جنوب اليمن – (ريف اليمن/ نائف الحساني)

معالم أثرية

يزخر جبل الحشاء بوجود عدد من القلاع، أعلاها وأشهرها قرضان وعلمان ووعل وقلعة صفاف التاريخية التي تمتاز بحصانة موقعها، وأهم محتوياته الأثرية المباني المشيدة، وبقايا أساسات الأبنية والأسوار والبرك المنحوتة في الصخور.

كما يزخر الجبل بكثير من المعالم الأثرية مثل مسجد بكر بن مبارك، الذي بُني بأحجار أثرية تعود إلى ما قبل الإسلام، وعلى تلك الحجارة نقوش بخط المسند، لكنها مطموسة ومشوهة، وفيه بركة مائية مبنية بالحجارة والقضاض، ويضم المسجد ضريح الفقيه بكر بن مبارك.

يقول المؤرخ والمرشد السياحي مسعد الجنيد: “جبل الحشاء يتمتع بعدد من الحصون التي تجذب الزائرين إليه، وأهمها حصن المنار في قمة يراخ، وحصن الناصبة في علمان، وحصون كثيرة مثل وعل، والقعوي، والمصوام، والحديدة، وخلبان، وغيرها”.

وأضاف الجنيد لمنصة ريف اليمن: “الجبل يوجد به كثير من الشواهد التاريخية، والمعالم السياحية؛ إذ إن الآثار والنقوش المكتشفة فيه تعود إلى العصر الحميري الثاني، ويكتشف ذلك من خلال النقوش المدونة التي كتبت بخط المسند، والتي سبق اكتشافها بقرية المقدار وقرضان، وفي ذلك دلالة واضحة عن اللمسات الحميرية في الجبل، لا سيما خلال العصر الحميري الثاني”.

وعن أسباب اندثار كثير من المعالم السياحية والأثرية، قال الجنيد: “ذلك يرجع إلى الحروب التي تعرضت لها بلاد الحشاء قديما سواء بين بعض أقيالها، أم بين أقيالها ومركز الحكم في حينه”.

وأما السبب الأخر، وهو الأهم بحسب الجنيد، فما تعانيه البلاد برمتها من تدني الوعي بقيمة الموروث التاريخي، ولا سيما مع تنامي ظاهرة هوس البحث عن الكنوز.

جبل الحُشاء الضالع: وجهة سياحية خلاّبة
شلال وادي بقر الذي يتوسط جبل الحشاء (ريف اليمن/ نسيم المسلمي)

تداعيات الحرب

أدت المواجهات العسكرية التي شهدتها محافظة الضالع خلال السنوات الماضية إلى إغلاق الطرق الرئيسية بين المحافظة ومحافظات أخرى، وكذلك بين بعض المديريات، مما انعكس سلباً على حياة المواطنين، وأدى إلى تراجع أعداد الزائرين للجبل.

يقول مروان الحوشبي وهو أحد سكان مديرية قعطبة: “قبل الحرب، كنت أقضي إجازة عيد الأضحى في جبل الحشاء الذي ينعش الروح بالهواء الريفي النقي، والمنتزه السياحي للمحافظة، لكن بعد أن نشبت الحرب، توقفت السياحة والحركة في ظل انقسام المحافظة، واكتفيت بقضاء إجازة العيد جوار البيت”.

ويشكو فاروق الحساني من وعورة الطريق قائلاً: “عندما أذهب للسياحة في جبل الحشاء أوقف الحافلة أسفل الجبل؛ لأن الطريق وعرة، وليس بمقدور الحافلة الوصول إلى الجبل، نتيجة المنعطفات الوعرة، فاضطر إلى استئجار دراجة نارية بتكلفة مضاعفة”.

من جانبه يقول الناشط الحقوقي مازن اليافعي: “رغم جمال الجبل وكثرة الزوار إليه كل عام، لم تصله بعض الخدمات كالأسفلت والكهرباء وخدمة الإنترنت، ولا توجد به مراكز صحية، وكوادر مؤهلة لعلاج القاطنين فيه، فيضطر الأهالي إلى الذهاب إلى المدينة لتلقي العلاج”.

ويضيف اليافعي لمنصة ريف اليمن: “الطرقات الجبلية الواصلة بين الجبل والمدينة وعرة جدًا، ويفقد كثير من سكان الجبل حياتهم جراء سقوط مركباتهم في تلك الطرقات”.

وفي ظل غياب الدولة لجأ السكان في جبل الحشاء إلى المبادرات التعاونية لإزالة الأحجار وردم الحفر وشق طرق جديدة بأيديهم، لتخفيف معاناة المواطنين وتسهيل وصول الزائرين.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: