بعد سنوات من التوقف، نجح المواطن أحمد أمين (28 عاماً) من استعادة النشاط الزراعي لأراضي آبائه وأجداده، عبر مبادرة تمكن من خلالها تشغيل بئر مياه عن طريق الطاقة الشمسية، وزراعة مساحات شاسعة في وادي ظمي بمنطقة الخوخة بمحافظة الحديدة غربي اليمن.
يقول أحمد أمين، وهو متزوج وأب لطفلة تبلغ من العمر عامين، إنه عاش منذ طفولته على وقع مشكلة ارتفاع أسعار الوقود وأبرزها مادة الديزل، مشيراً إلى أن تلك المشكلة كادت أن تقضي على النشاط الزراعي بشكل كامل، مما جعله يفكر بالبديل منذ سنوات.
وبحسب أمين، اقتصر النشاط بالوادي على زراعة الذرة الحمراء فقط، وبشكل محدود، حتى بات عائدها المادي يكاد لا يكفي لإعالة أسرة واحدة، في وقت حُرمت فيه عشرات الأسر التي تعيش منذ عقود على خيرات الزراعة، الأمر الذي أجبر كثيرا من الناس على مغادرة المنطقة والبحث عن وسائل أخرى للعيش.
ويضيف أمين أن المزرعة التي يمتلكها جدّه تقدر بـ 20 فدانا، تعيش فيها أكثر من 15 أسرة من أهله، بالإضافة إلى كثير من الأسر بالمناطق المجاورة للمزرعة الذين كانوا يعملون فيها.
ويقول أمين في حديثه لمنصة ريف اليمن: “عقب اندلاع الحرب كان الناس في القرية قد عزفوا عن ممارسة الزراعة تماما بسبب غلاء الديزل وصعوبة التنقل إلى مدينتي حيس والخوخة، وكانتا مصدرا لشراء الغذاء والاحتياجات الأساسية، حينها بدأت الفكرة التي راودتني منذ طفولتي لإنقاذ أسرتي وسكان قريتي والقرى القريبة منا”.
مبادرة تصنع نقطة تحول
في أواخر عام 2022، استغل الشاب أمين أول فرصة أتاحتها إحدى المنظمات الخيرية بتقديم قروض لتمويل المشاريع الزراعية، وتمكن من تحقيق حلمه بتركيب منظومة الطاقة الشمسية مقابل أكثر من خمسين ألف سعودي، ودفع ثمنها على أقساط ليمثل المشروع نقطة التحول الكبرى في حياة أهل القرية والمئات من سكان القرى في الجوار.
ويقول: “المنظومة الشمسية وفرت لنا الماء من الآبار لري الأرض وزراعتها وكانت بأقساط شهرية أدفعها بمفردي، وشاركني الأهل وأبناء المنطقة بالعمل في الأرض والزراعة، وقد واجهتني كثير من الصعوبات مثل عدم توفر الآلات الزراعية الحديثة”.
يقول صبري المشولي (60 عاما) وهو أحد المستفيدين من المزرعة: “صرنا نأكل من الحبوب التي تنتجها أراضينا؛ إذ وفر لنا مشروع الطاقة الشمسية فرصة أخرى للعيش بعدما كانت حياتنا أشبه بحياة المجاعة نتيجة إغلاق الطرقات وصعوبة الوصول إلى المدن ولندرة العمل في البحر؛ إذ كنت أعمل في الصيد.
وقد تمكن المشولي بالاعتماد على منظومة الطاقة الشمسية من التوسع في مساحة الأراضي المزروعة وتنويع زراعة المحاصيل مثل الحبوب والفواكه والخضار”.
أما عباس الزريعي (70 عاما)، وهو أحد العمال في المزرعة، فيقول: “أتى المشروع في الوقت المناسب، وكان بمنزلة الإنقاذ الفعلي لحياة كثير من المزارعين في المنطقة وإنقاذ حياة أطفالهم ومواشيهم”.
ويضيف: “عاد العشرات، ممن سبق أن غادروا، إلى المنطقة مجددا بعد توفر وسيلة أفضل للعيش الكريم، كما عاد كثير من الناس لاقتناء الأبقار والماعز، وكان ذلك إنعاش للقرى المتناثرة على ضفتي وادي ظمي”.
طموحات مستمرة
تمكن أحمد أمين من تنويع المحاصيل بزراعة محاصيل زراعية لم تكن متوفرة من قبل، وصار يزرع الخضروات المتنوعة مثل: البسباس، والبصل، والحَبحَب، وغيرها، وهو يطمح إلى توسيع مشروعه الزراعي بإدخال طرق جديدة وحديثة.
يقول أمين: “الآن وبعد إكمال مبلغ التقسيط للطاقة الشمسية مع نهاية عام 2023، بدأت عمليا إجراءات إدخال شبكة الري الحديث بالتقطير والاستغناء تماما عن وسيلة السقي بالغمر، وهو ما سيحدث نقلة نوعية في الزراعة، وسينعكس إيجابا على وضع ومعيشة الناس في المنطقة”.
وجّه أمين رسالة للشباب بضرورة التمسك بأحلامهم والعمل على تحقيقها والنظر لقراهم وأراضي أجدادهم وآبائهم وإقامة المشاريع فيها، فالأرض موعودة بالحياة إن عمل فيها الإنسان، ويؤكد أنه سيعمل جاهدا لتوسيع مشروعه وتطويره مع الأيام.
المهندس الزراعي عبد الكريم عكيش علّق على التجربة قائلا: “إن الشاب أمين حقق نجاحات كبيرة، أعاد الحياة للأرض، ومعه للعشرات من المزارعين، مشيرا إلى أن الانتقال إلى الري بالتقطير بتركيب شبكة الري الحديث سيكون هو النجاح الأكبر للمشروع”.
وذكر أن الشاب يقدم المزيد من النجاحات الملهمة التي انعكست بشكل إيجابي على حياة المئات من المزارعين في المنطقة، ومبادرته مميزة لمس خيرها الكثير ويجب المساهمة في تقديم الدعم لها.