ينهمك الشاب رشاد حمود (25 سنةً) أمام شاشة الهاتف ويستمتع بمشاهدة المسلسل الريفي “أرض الأمل” الذي يتم عرضه في اليوتيوب على قناة المخرج والمؤلف اليمني نشوان الرزمي القادم إلى صناعة المحتوى من إحدى القرى الريفية النائية في محافظة إب وسط اليمن.
يحكي المسلسل الريفي حياة المواطنين وكيف يعيشون وماهي المشاكل والصعوبات التي يواجهونها ويناقش قضايا مجتمعية ويسلط الضوء على المزارعين و يجسد حياة اليمنيين في الريف حيث تم تصوير أحداثه في قرية الرزم الواقعة في جبل التعكر بمحافظة إب .
وخلال السنوات القليلة الماضية ظهرت العديد من المسلسلات الريفية بمناطق مختلفة من البلاد في ظاهرة لم تكن حاضرة قبل اندلاع الحرب التي تعصف بالبلاد منذ تسع سنوات، إذ بدأ البعض من الشباب في إنتاج مسلسلات درامية تحاكي واقع المواطنين وتساهم في توفير مداخيل للعاملين فيها باستخدام إمكانيات متواضعة ليتم بعد ذلك عرضها في اليوتيوب ومواقع التواصل الإجتماعي.
قضايا مجتمعية
مسلسل “أرض الأمل ” واحد من المسلسلات الريفية التي يتم عرضها في الوقت الحالي على قناة نشوان الرزمي على يوتيوب والذي يسلط الضوء على مشكلة غلاء المهور في المناطق الريفية النائية، حيث وصل تكاليف المهور في بعض المناطق إلى 2 مليون ونصف أي ما يعادل نحو 5 ألف دولار أمريكي، بسعر صرف الدولار في مناطق سيطرة حكومة صنعاء -غير معترف بها دوليا – حيث تقع محافظة إب ضمن هذه المناطق.
يقول رشاد حمود، أحد المتابعين لهذه المسلسلات إن “مسلسل أرض الأمل واحدا من أهم المسلسلات التوعوية في المجتمع، وتدور أحداثه حول مشكلة غلاء المهور وعجز الشباب عن الوفاء بتوفير تكاليف المهور الباهظة والتي بدورها انعكست سلباً على الكثير من الشباب وجعلتهم يعزفون عن الزواج وهي ظاهرة خطيرة يجب معالجتها ووضع حلول للحد منها”.
ويضيف حمود لـ” منصة ريف اليمن”، قائلا ” يحاول المسلسل في معظم حلقاته إيصال رسالة إلى الآباء حول مدى خطورة غلاء المهور وانعكاساتها السلبية على المجتمع ويسعى إلى معالجة المشكلة ووضع حد لها ويحفز الآباء على ضرورة التعاطي الايجابي مع الشباب والتسهيل والتيسير لهم ويصور أهمية بنا الأسرة وتكوينها القائمة على المحبة والتسامح والفهم”.
من جانبه يعلق الصحافي أبوبكر الفقيه قائلاً لـ منصة ريف اليمن: “الدراما هي جزء مهم في ثقافة اليمنيين ، و تحظى بشعبية كبيرة بين الجمهور في البلاد خاصةً وأنها تتميز ببساطة القصة والحوار، مما يجعلها سهلة الفهم خصوصاً للجمهور المتابعين في المناطق الريفية بالإضافة إلى أنها تسلط الضوء على موضوعات اجتماعية تمس حياة المواطنين وتلبي تطلعاتهم”.
وتضيف:” يمكن للدراما معالجة العديد من القضايا المجتمعية ورفع مستوى الوعي حول القضايا المجتمعية، وتحفيز الناس على التفاعل معها، وتقديم حلول للمشاكل خصوصاً وأن مشكلات اليمنيين أصبحت كثيرة في ظل الحرب التي تعصف بالبلاد منذ سنوات”.
بساطة وكوميديا
وتتميز المسلسلات الريفية بالبساطة والخفة والقرب من الواقع فهي تناقش حياة المواطنين في الريف، وتسلط الضوء على حياة المزارعين واهتماماتهم والقضايا الاجتماعية المختلفة من خلال استخدام الكوميديا الشعبية، يتم فيها البحث عن الحلول لها من منظورهم، مثل مشكلة غلاء المهور، والأراضي، وأيضا مشكلة الغربة والبطالة، وغيرها من المشاكل التي يعاني منها اليمنيون في المناطق الريفية.
مسلسل “حمود اللوك“، هو الاخر أحد المسلسلات الريفية الذي جذب الكثير من المشاهدين إذ تم تصوير أحداثه في مديرية السياني، وتمكن المؤلف والمخرج اليمني نشوان الرزمي، من إنتاج المسلسل عن طريق إمكانيات متواضعة واستطاع من خلاله محاكاة الواقع الريفي في حلقات عدة على جزئيين، في الجزء الأول أنتج 26 حلقة فيديو، وفي الجزء الثاني 31 حلقة. وحاز فيديو الحلقة الأولى على 218,907 ألف مشاهدة في قناته على يوتيوب. في حين تعدت مشاهدات بعض حلقات الجزء الثاني قرابة نصف المليون مشاهدة من داخل اليمن وخارجها.
الشاب وائل حسن( 35 سنةً) خريج كلية التربية بجامعة إب من بين المتابعين المعجبين بالمسلسلات الريفية فهو يتابع كافة المسلسلات التي يتم إنتاجها في المناطق الريفية ويتم عرضها في اليوتيوب ومواقع التواصل الإجتماعي.
ويقول حسن لمنصة ريف اليمن: الناس أصبحت تبحث عن الأشياء البسيطة القريبة منهم ومن الواقع الذي يعيشون فيه لذلك ما يقوم به البعض من إنتاج مسلسلات تحكي واقع المواطنين في الريف عمل عظيم وجهد كبير رغم الإمكانيات المتواضعة التي يمتلكونها إلا أنهم يقدمون محتوى راقي يعكس واقع ومعاناة المواطنين في الأرياف.
وسيلة لكسب المال
قبل أن يعمل المخرج والمؤلف نشوان الرزمي في صناعة المحتوى وإنتاج مسلسلات ريفية كان يعمل سائق دراجة نارية، لتأمين الغذاء لأفراد العائلة فهو يسكن قرية ريفية تقع في منطقة جبل “التعكر” جنوب محافظة إب وسط اليمن.
قبل نحو 6 أعوام بدأ الزرمي محاولة صناعة المحتوى وقام بإنشاء حسابات شخصية له على منصات التواصل الاجتماعي، وقناة يوتيوب، وبدأ بتصوير مقاطع كوميدية قصيرة في قريته، بإمكانياته البسيطة مع شقيقه الأصغر معمر الرزمي، باللهجة الريفية ونشرها على اليوتيوب.
وكانت تجربة نشوان الرزمي في البداية صعبة في ظل الظروف فهو يعيش في منطقة ريفية تعاني من ضعف شبكة الإنترنت وانقطاع الكهرباء بالإضافة إلى مشكلة عدم قبول السكان في المنطقة فكرة التمثيل والتصوير لكنه تمكن من التغلب على كل تلك المعوقات”.
وحصدت مسلسلات الرزمي إعجاب الكثير من المتابعين، مما شجعه لتصوير فكرة مسلسل كوميدي وبثه على قناة اليوتيوب. وبإصرار وشغف لما يقوم به، تحول من مجرد هاوِ إلى صانع محتوى ” يوتيوبر“. وتحولت قناة الفيديو التي يطلق أعماله فيها، إلى مصدر للدخل يدر عليه المال شهرياً له وكافة فريق التمثيل العاملين معه.