يشكو المزارع علي قائد الزعلة من نقص محصول حبوب الذرة الرفيعة هذا العام بسبب الاضطرابات المناخية التي أدت لانقطاع الأمطار في وقت مبكر من خريف 2023.
ويقول الزعلة لـ”منصة ريف اليمن“، حصاد هذا العام كان صادما، حيث كنا نحصد من 25 إلى 30 قدحا من الذرة سنوياً، لكن هذا العام للأسف لم تستمر الأمطار الوقت الكافي وانقطعت سريعا ما جعل معظم سنابل الذرة خالية من الحبوب وما حصدته هذه العام لن يصل عشرة أقداح.
وتعد الذرة الرفيعة من محاصيل الحبوب التي تشتهر اليمن بزراعتها، وتنتشر زراعتها في المناطق الباردة أو المائلة للبرودة، وتعتمد في كثير من المناطق اليمنية على الأمطار التي ترافق الموسم الزراعي.
وبحسب المركز الوطني للمعلومات، تبلغ المساحة الصالحة للزراعة في الجمهورية اليمنية 1539006 هكتار، فيما تمثل المساحة المزروعة منها حوالي 1241387 هكتار.
ويعتبر موسم حصاد هذا العام هو الأصعب على المزارعين بسبب التغيرات المناخية وانخفاض القيمة الشرائية للمحاصيل في السوق، كما يقول المزارع “فواز المصنف” الذي أكد أنه لم يحصد هذا العام سوى 8 أقداح (القدح يساوي 38 كيلو جرام) بينما كان يحصد سابقا حوالي 18 قدحا سنويا، بمعني انه تراجع المحصول بأقل من النصف.
ويؤكد الزعلة لـ”منصة ريف اليمن“، أن هذا النقص سيضاعف معاناته كون الزراعة هي مصدر دخله الوحيد الذي يعتمد عليه في تأمين الغذاء لأسرته طوال العام. حيث يقول” تعتبر الذرة مصدر غذائنا التي نعتمد عليه ولا نلجأ لشراء الدقيق إلا قبل موسم الحصاد بفترة قليلة بعد نفاذ المحصول، أما هذا العام فسنكون في صراع من أجل شراء الدقيق في وقت مبكر”.
ويلعب القطاع الزراعي دوراً مهماً في الاقتصاد الوطني لليمن، إذ يبلغ متوسط مساهمته حوالي 13.7% من إجمالي الناتج المحلي، في حين تبلغ مساهمة هذا القطاع في الدخل القومي 16.5%.
وتستحوذ الحبوب على أغلب المساحة المزروعة في اليمن كما توضح بيانات الإحصاء الزراعي في وزارة الزراعة والري بنحو 57 %، بينما لا تتجاوز مساحة البقوليات 3%، وتتوزع النسبة المتبقية 40% على الفاكهة والخضروات والمحاصيل النقدية والأعلاف والقات.
وأثرت التغيرات المناخية الشديدة في اليمن بشكل كبير على قطاع الزراعة في البلاد وهو قطاع حيوي يعمل فيه عدد كبير من الافراد كما يعتبر مصدراً رئيسياً لإنتاج الغذاء المحلي في اليمن.
تحديات وصعوبات
من جانبه يقول المزارع جملان الحجري إن أزمة المناخ هذا العام جاءت لتضاعف الأعباء التي نعاني منها في السنوات الأخيرة.
وأضاف في حديث لـ” منصة ريف اليمن“، أجبرتني ارتفاع أسعار الأسمدة على عدم شرائها واستخدامها بسبب الوضع المادي وتدني أسعار المحاصيل في السوق ومن الجانب الآخر ارتفعت تكاليف وأجور الحراثة بشكل كبير.
ويتابع قائلا “عدم استخدام السماد تسبب في نقص المحصول وحتى أثر على كمية الأعلاف التي ندخرها للمواشي والآن نتفاجأ بصدمة أخرى وهي تغير المناخ.
ويزرع اليمن حبوب الذرة والدخن والشعير والقمح والذرة الشامية والبن، في حين يعتمد مزارعوه على موسم إبريل/ نيسان لبذرها والبدء بزراعة العديد من أصنافها بسبب الاعتماد على موسم الأمطار.
ويؤثر اعتماد العديد من المناطق على الزراعة المطرية على استدامة الإنتاج الزراعي حيث تقدر نسبة المساحة المطرية (51%) من إجمالي المساحة المزروعة، وتعتمد مناطق أخرى على ضخ المياه الجوفية أو مجموعة الخزانات والسدود والغيول والينابيع المائية حيث تصل المساحة المروية منها إلى (49%) من إجمالي المساحة المزروعة.
يقول عبدالله مهدي وهو مزارع من إحدى مناطق ريف ذمار إن منطقتهم تفتقر لوجود السدود والحواجز المائية مما جعلهم فريسة سهلة للتغير المناخي، ويضيف” انتهي موسم الأمطار في وقت مبكر وأصبحت الحياة صعبة للغاية لأنه ليس لدينا مصدر مياه بديل لري محاصيلنا”.
الحاجة إلى الوعي
الخبير الزراعي والباحث في جامعة ذمار هشام السالمي قال انه وعلى الرغم من أنه بدأ موسم الأمطار هذا العام في وقت مبكر وهذا من علامات الاضطرابات المناخية كان يجب على المزارعين وضع البذور مع بدأ الأمطار ولكن بسبب قلة التوعية بالتغير المناخي انتظر المزارعين إلى المعالم المحددة للحراثة برغم بداية الأمطار من قبل.
ودعا هشام خلال حديث لـ” منصة ريف اليمن“، الجهات المعنية القيام بدورها في توعية المزارعين ومساعدتهم في مواجهة هذه الاضطرابات المناخية والتكيف معها والعمل على تقليل الخسائر قدر الإمكان ولا يصح ان يكونوا ضحايا الإهمال وقلة التوعية.
وشدد على ضرورة تنبيه المزارعين وإبلاغهم بما تشير إليه التوقعات ومراصد الطقس والخرائط على المدى البعيد والمتوسط ولا يكتفي المركز الوطني للأرصاد بنشر التوقعات لـ 24 الساعة القادمة فقط لأن هذا الموضوع يهم المزارعين.
أما الخبير الزراعي محمد المصنف أكد أن أهم ما يحتاجه المزارعين في مثل هذه الظروف والتقلبات المناخية هي بناء السدود والحواجز المائية حتى يتمكن السواد الأعظم من أبناء الريف من تأمين لقمة العيش وكذلك الحفاظ على الأمن الغذائي بشكل عام.
ويشير كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2021 إلى أن المساحة المزروعة من الذرة الرفيعة بلغت نحو 348 ألف هكتار، ووصلت كميات الإنتاج إلى حوالي 523 ألف طنًا، مقارنة بالعام بـ 340 ألف طنا في 2014م قبل الحرب.
وبحسب كتاب الإحصاء الزراعي، احتلت محافظة الحديدة في المركز الأول من حيث المساحة المزروعة عام 2021، نحو 126 ألف هكتارا، وكمية إنتاج ما يقارب 140 ألف طنا، ومحافظة حجة ثانيا بمساحة نحو 54 ألف هكتارا، وكمية الإنتاج ما يقارب 100 ألف طنًا، وجاءت محافظة إب في المركز الثالث ما يقارب 22 ألف هكتارا، وكمية إنتاج 55 ألف طنا، فيما احتلت محافظة ذمار المركز الرابع بمساحة 21 ألف هكتاراً، وكمية إنتاج 55 ألف طنا.