دفعت المرأة اليمنية الريفية الفاتورة الأكبر جراء الحرب، ولم يكن أمامها سوى العمل وتحمل المسؤولية من أجل توفير احتياجات العيش المنقذة للحياة.
وفي يومها الدولي الذي يصادف اليوم الأحد، 15 تشرين الأول، 2023، لاتزال المرأة الريفية اليمنية تواجه الكثير من الصعاب، وتواصل النضال والتضحية في سبيل المساعدة على البقاء قيد الحياة.
السيدة هند حمود( 36 عاما) التي تقطن ريف إب، واحدة من تلك النساء اللاتي تحملن العبء الأكبر من تبعات الحرب، حيث تقطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام بحثاً عن الحطب، والمياه الصالحة للشرب.
تقول هند لـ” منصة ريف اليمن“، إنها أصبحت كغيرها من مئات اليمنيات غير قادرة على شراء أسطوانة الغاز، وبوزة المياه، خاصة بعد توقف الرواتب، ما دفعها نحو ممارسة الأعمال الشاقة في إطار المساهمة في تأمين الغذاء والوقوف إلى جانب عائلتها.
وتشرح هند فصول المعاناة قائلة ” نستيقظ قبل شروق الشمس، ونقطع مسافات بعيدة للاحتطاب، وعند عودتنا لم نجد وقتا للراحة، حيث نذهب لجلب المياه، لم نعد قادرين على شراء الغاز والماء، أوضاعنا مأساوية.
وبحسب هند فإن أسعار الماء تتضاعف خلال الشتاء، حيث يصل سعر بوزة الماء (4 آلاف لتر) إلى نحو 27 ألف ريال أي ما يعادل نحو 50 دولار أمريكي، ونحن غير قادرين على شرائها بفعل تدهور وضعنا المعيشي.
العمل والتربية
في سياق حديثها أوضحت هند أن العمل خارج المنزل كانت عائقا أمام القيام بدور الرعاية المنزلية الامر الذي انعكس سلباً على تربية الأطفال والاهتمام بهم.
ليست هند وحدها من تعاني، حيث تحملت غالبية النساء في المناطق الريفية النائية خلال الحرب تكاليف أعباء الحياة اليومية في تأمين الغذاء لأفراد الأسرة ، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين بمختلف المحافظات اليمنية.
وحسب تقديرات البنك الدولي، فإن النساء يتحملن حصةً غير مُنصفة من الأعباء من حيث تفاقم معدلات الفقر والحرمان مقارنة بمتوسط عدد السكان. ومع ذلك، ثابرت المرأة على إيجاد طرق جديدة لإعالة أسرتها.
وتشير التقديرات الأممية إلى أن حوالى 50 ألف شخص يعيشون حالياً في ظروف تشبه المجاعة؛ ويحتاج حوالى 21 مليون شخص (أي أكثر من 66 في المئة من إجمالي السكان) إلى مساعدات إنسانية وحماية.
أعمال شاقة
ليس جلب الحطب والمياه ما تمارسه المرأة الريفية فقط، بل أصبحت تمارس أعمالا شاقة مثل الزراعة، حيث أجبرت الكثير من النساء الريفيات على العمل في الزراعة وتربية الثروة الحيوانية لتأمين الغذاء خصوصاً اللواتي فقدن أزواجهن أو أبنائهن خلال الحرب، كالسيدة نادية محمود.
تقول نادية لـ” منصة ريف اليمن“، إن زوجها توفى جراء حادث مروري، ونتيجة لانعدام مصادر دخلها أجبرت على ممارسة أعمال الزراعة وتربية الحيوانات.
وتضيف : نسابق شروق الشمس ونقوم بإعداد الأرض قبل بدء موسم الأمطار، ونقضي معظم الوقت في الحقل للاعتناء بالمزروعات، ثم نعود للمنزل لتناول وجبة الإفطار والذهاب إلى راعي الأغنام، تحت أشعة الشمس الحارقة إلى ساعة متأخرة من الظهيرة.
وتلفت نادية إلى تدهور صحتها الجسدية فهي تعاني من أمراض عديدة لكنها تقاوم وتتحمل بهدف تأمين الغذاء لأفراد عائلتها بعد أصبحت هي المعيل الوحيد لهم، وتخشى من عدم قدرتها على تقديم الرعاية لهم.
آثارصحية ونفسية
وبدلاً من القيام بدورها في تربية الأطفال والاهتمام بهم أجبرت الظروف المعيشية القاسية المرأة الريفية على ممارسة العديد من الأنشطة والأعمال الشاقة وذلك بدوره ينعكس سلباً على نمو وتطور الأطفال حيث تقضي النساء في الريف معظم أوقاتها في العمل خارج المنزل .
استاذ علم الاجتماع بجامعة تعز الدكتورة انتصار الصلوي:” أكدت بدورها أن عمل المرأة الريفية يؤثر سلباً على القيام بدور الرعاية وتربية الأطفال خاصةً عند غياب رب الأسرة وعدم قيامه في مساعدة المرأة بتلك المهمة“.
وأضافت الصلوي في حديث لـ” منصة ريف اليمن“:” أنه يمكن أن تنعكس الأعمال التي تقوم بها المرأة الريفية سلباً على صحتها الجسدية وصحتها النفسية خصوصاً الأعمال الشاقة قد تؤدي إلى التوتر والقلق والاكتئاب، خاصة إذا كانت المرأة تضطر إلى العمل لساعات طويلة في ظروف صعبة“.
إجمالا فإن المشكلات الكثيرة التي تعاني منها المرأة اليمنية ، ناتجة عن الحرب وانعكاساتها السلبية على مختلف مجالات الحياة ومن شأن إنهاء الصراع والتوصل لحل سياسي بين الأطراف المتنازعة أن يساهم في التخفيف من معاناة المرأة المستمرة منذ تسع سنوات.