السيول والانهيارات تقتل المواطنين في المناطق الجبلية

فقدت "مريم" طفلها محمد (7 أعوام) في ريمة وسط اليمن

السيول والانهيارات تقتل المواطنين في المناطق الجبلية

فقدت "مريم" طفلها محمد (7 أعوام) في ريمة وسط اليمن

استطاعت “مريم” إنقاذ اثنين من اطفالها من موت محقق بسبب الأمطار التي تسببت بفيضانات وانهيارات صخرية، حيث توفى طفلها الأكبر في ذات الحادث، في مديرية بلاد الطعام بمحافظة ريمة وسط اليمن.

مازالت مريم المرأة العشرينية تشعر بالذنب تجاه ابنها الذي فقدته بالسيول رغم أنها خاضت معركة لإنقاذ اثنين من اطفالها الأصغر سناً وقالت بحسرة “لم أستطع إنقاذه ليتني مت وبقي ابني، لقد مات بسببي، كان علينا مغادرة هذا المكان قبل سقوط الأمطار”.

وتسببت تلك الانهيارات بمأساة على الأسرة الريفية التي تسكن في مناطق جبلية وعرة، حيث فقدت “مريم” طفلها محمد (7 أعوام) ونجا اثنين من أطفالها صالح (5اشهر) عبد الرحمن (4أعوام)، خلال أمطار رعدية غزيرة حدثت في منطقتهم.

مأساة السيول

وقالت مريم “كنت أعمل في المزرعة المحاذية للمنزل فيما كان اطفالي محمد وصالح ينامون في غرفة خارجية قديمة أستطيع سماعهم عندما يستيقظون اما عبد الرحمن فقد كان بجواري وما إن بدأت قطرات المطر تتساقط حتى عدت إليهم”.

وانفجرت “مريم” بالبكاء وهي تروي حادثها المأساوية مشيرة بيدها نحو منطقة لم يعد للبناء أثرا فيها، مرت دقائق ودموعها الحزينة تنهمر حتى استأنفت وصف اللحظات التي سبقت الحادثة المأساوية “لقد كان زوجي يعمل في قرية مجاورة واطفالي نيام فقررت البقاء حتى يأتي والدهم كي ننتقل جميعا للبيت الجديد كما هو المعتاد”.

وأضافت الأم “تأخر زوجي كثيرا وما إن وصل حتى حملت طفلي الرضيع صالح متجهة نحو باب الغرفة ولم أشعر الا بزوجي يدفعني بقوة نحو الخارج وبيده عبد الرحمن فقط، فيما جرفت السيول والصخور طفلي محمد”.

من جانبه قال ياسين – رب الاسرة ووالد الأطفال – “بالكاد استطعت سحب عبد الرحمن ودفع زوجتي للخارج، لقد انهار كل شيء فجأة، فيما كان محمد في زاوية الغرفة يغط بالنوم، ولم أستطيع إنقاذه”.

وفرض رحيل محمد المفاجأة على الأسرة التفكير بجدية لنقل سكنهم إلى منطقة أخرى والبحث عن مكان آمن ومصدر دخل بديلا عن الأراضي الزراعية التي خسروها جراء الانهيارات المستمرة والامطار الموسمية الغير متوقعة والتي تسببت بكوارث تعجز الأسرة عن تحمل اعبائها.

السيول والانهيارات تقتل المواطنين في المناطق الجبلية

فقدان موجع

وخلفت حادثة فقدان ابنهم حالة نفسية سيئة للأسرة، الذي مازالت تتذكر ابنهم “محمد” الذي لم يتبقى إلا أثره في الملابس التي كان يرتديها قبل ان تجرفه السيول، والتي وجدوها نهاية الوادي الذي يبعد عن منزلهم المدمر ما يقارب 15 من المدرجات الزراعية التي تمتد في مرتفع جبلي حتى أسفل الوادي.

وتعيش مريم في حالة رعب أثناء الموسم ونزول الأمطار نتيجة لفقدان ابنها جراء الانهيارات الصخرية، فيما لم يلتئم جرحها لفراق أحد أقاربها الذي وافته المنية نتيجة لصعقة “برق” الموسم الماضي، حيث تراكمت عليها الأوجاع.

وقال ياسين “إن الحياة صعبة بالنسبة للمناطق الريفية في السلسلة الجبلية كالسلفية، الجبي، وبلاد الطعام، برع، حراز، الضامر، ملحان، حفاش وغيرها من المناطق اليمنية التي لم تصل إليها الخدمات الأساسية والتي يعاني فيها المواطن أصناف العذاب”.

وتطال السيول الجارفة والانهيارات الصخرية، المنازل، والمزارع والحيوانات في القرى والمدن على حد سواء، فيما تغيب التحذيرات والإرشادات المناخية والمساعدات الإنسانية في المناطق الريفية بشكل خاص نتيجة صعوبة التواصل بالإضافة إلى التغيرات المناخية من خلال غزارة الأمطار وتدفق السيول من مناطق لم يعتاد عليها المزارعين.

تشكل السيول المتدفقة من الوديان والجبال مصدر خطر بالنسبة لسكان الريف في تهامة حيث تتعرض منازلهم المبنية من الطين والقش للدمار فيما تجرف الماشية وتطمر المزروعات، في الوديان الخصبة التي يقدر عددها بأكثر من عشرين وادي.

غياب التوعية

يفتقر المزارع اليمني نتيجة الحرب الى المعلومات الدقيقة والتحذيرات المناخية التي يستطيع من خلالها تجاوز الاضطرابات المناخية المتقلبة للحفاظ على ممتلكاته الحيوانية وسلامة أراضيه جراء السيول الجارفة الناتجة عن غزارة الأمطار الموسمية.

وبسبب السيول خسر المواطن عبد السلام راجح – الذي تحدث لمنصة “ريف اليمن” – ما يزيد 30 راس من الأغنام في وادي سردد التابع لمحافظة الحديدة (غرب اليمن).

ووفق إحصائيات رسمية للسلطة المحلية، تضررت ما يزيد عن 250 منزل في قريتي جمينة والمحالبي بمديرية حيس نتيجة لتدفق سيول وادي نخلة والذي يعد من أكبر وديان تهامة العام الماضي 2022.

وقال راجح “أن مزارع البُن في محمية بُرع والتي هي عبارة عن مدرجات تعرضت للكثير من الانجرافات فيما يعجز غالبية المزارعون من إعادتها”.

خسائر المزراعين

ونشرت صور وفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر حجم الكارثة التي تعرضت لها مدرجات البن الزراعية في المرتفعات الجبلية للساحل الغربي نتيجة الأمطار الغزيرة والانهيارات الصخرية.

وارجع مختصون السبب في انهيار تلك الأراضي الى الاستحداثات الخاطئة في بناء المنازل القريبة من مجرى السيل ورمي مخلفاتها بطرق عشوائية مما يؤدي إلى الانهيارات وخسارة الأراضي بشكل متواصل وكارثي.

وأفادت مصادر تحدث لمنصة “ريف اليمن”، “خسرت المديرية ما يزيد عن ألفين مدرج زراعي فيما انهارت وجرفت السيول عدد من المنازل والمركبات، ولم تتلقى المديرية اي مساعدات إنسانية، رغم الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمزارعين”.

ولتفادي الكوارث الناجمة عن السيول والانهيارات يرى “أبو عبد الرحمن” – أحد المزارعين في مديرية بلاد الطعام بريمة – “ضرورة إزالة الكتل الصخرية المعلقة أو تدعيمها بوسائل حديثة مبتكرة لتثبيت تلك الصخور وهذه من مهمة الجهات الحكومية”.

وقال في حديث لمنصة “ريف اليمن”، ” يحتاج المزارعين في المناطق الجبلية للتوعية وتحذيرهم من بناء المنازل تحت الصخور او قريبة من مجرى السيل وكيفية حماية ممتلكاتهم الزراعية أثناء الأمطار والالتزام بتحذيرات مراكز الأرصاد”.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: