السمن واللبن.. هدايا الريف لسكان المُدن

السمن واللبن.. هدايا الريف لسكان المُدن

يحرص كمال علي في كل زيارة إلى مسقط رأسه الريفي بمديرية الرضمة بمحافظة إب على الاستمتاع بتناول ثلاثي الدهون (الحليب واللبن والسمن) الذي تنتجه بقرتهم كما يصفها بـ “الكريمة” وبعد انقضاء زيارته يعود للمدينة حاملا معه هدايا من هذه الأنواع لشقيقه ولآخرين من أقاربهم.

وتعتبر هذه الهدايا من أجمل الأشياء التي يقدّمها أهل الريف لأقاربهم وأصدقائهم من سكان المدن سواء من خلال زياراتهم في المناسبات وغيرها أو مع المسافرين.

يقول كمال طالب التمريض في المعهد الصحي بمدينة إب عن علاقة حبه بما يراه من طبيعة الريف “ولدت ونشأت في القرية حتى أكملت الثانوية، وقد اعتدت طوال هذه السنوات على أكل الوجبات التي يدخل في مكوناتها الحليب واللبن والسمن مثل الملوح والكُبى وفتة اللبن والمعصوبة في وجبة الصبوح وكذلك العصيد أو الفتوت مع الزوم ويمكن أن يكون الأخير عشاء خاصة في الشتاء”.

تعتبر هذه الهدايا من أجمل الأشياء التي يقدّمها أهل الريف لأقاربهم وأصدقائهم من سكان المدن سواء من خلال زياراتهم في المناسبات وغيرها أو مع المسافرين.

الذكريات والهديا

ومثل أي شاب ريفي لدى أسرته بقرة، يتذكر كمال بعضا من ذكريات طفولته والتي يصفها ب”اللحظات الممتعة” التي كان يشرب فيها الحليب بعد انتهاء والدته من عملية الحِلب، ولا يزال يحب ذلك حتى اليوم كلما عاد للقرية وكان الحليب متوفرا.

“إذا عُدت للقرية في أيام الشتاء، فلا عشاء مفضل لديّ غالبا مثل فتوت الملوج مع الزوم لأنه شهي مما يحتويه من بهارات وبسباس وهذا بحد ذاته يجلب الدفء”، يقول كمال لمنصة “ريف اليمن”.

وقبيل أيام من مغادرته، تجمع والدته ما لديها من مخزون السمن في أوعية معدنية أو زجاجية، ثم يحمله مع لترات قليلة من اللبن الرائب ليكون هدية أسرته له ولشقيقه المقيم في المدينة، وقد يرسل معه آخرون هدايا مماثلة لأقاربهم.

وتُعد تربية الأبقار والأغنام شائعة في الأرياف نظرا لأنها تساعد السكان في توفير بعض احتياجاتهم الغذائية مثل الحليب واللبن والسمن وهي مكونات أساسية في وجباتهم، فضلا عن اللحوم، ويمكن لهم الاستفادة منها كمصدر رزق من بيع المنتجات، ومنها هدايا للأقارب والأصدقاء في المدن.

ويمكن اعتبار هذه المنتجات من أبرز الحرف اليدوية في الريف، وعادة ما تضطلع النساء بهذا العمل؛ لمساعدة أسرتها على تأمين بعض الاحتياجات بما في ذلك أي أموال تكسبها من البيع سواء في مراكز المدن القريبة أو حسب الطلب للمدن الأخرى.

  تُعد تربية الأبقار والأغنام شائعة في الأرياف نظرا لأنها تساعد السكان على تـوفي بعض احتياجاتهم الـغـذائية مثل الحليب والسمن وهي مكونات أساسية.

وعلى سبيل المثال، يُباع الكيلو السمن بثمانية آلاف ريال وقد يزيد أو ينقص على حسب عدة متغيرات، وهناك محلات تبيعه في المدن بعد جلبه من الأرياف، في حين يُباع اللبن والحليب بأسعار قليلة جدا.

ونظرا لأن السمن يزود الجسم بالطاقة الحرارية في فصل الشتاء، فإن الطلب عليه في هذا الموسم يزداد أكثر من غيره، حيث يتم استخدامه في العديد من المأكولات خاصة الشعبية.

وبحسب خبراء التغذية، يحتوي السمن البلدي على فيتامينات مهمة للجسم مثل فيتامين “أ” المهم لصحة العين وليونة الجلد وغيرها، لكن ولأنه من الدهون التي لا يحتاجها الجسم إلا بكميات محدودة، فقد يؤدي الإكثار منه لأضرار كما يقولون.

طريقة التحضير

عادة يتم حِلب البقرة يوميا إلى وعاء معين ثم بعد ذلك يتم سكب الحليب إلى ما يُسمّى “الدُباه” أو “القِربة” وتبدأ المرأة عملية “الزويع” أو خض الدُباه التي تكون مُعلّقة على ثلاث عصي مربوطة بحبل وتُربط جيدا بشريط من القماش، وتمسكها من طرفيها وتحركها للأمام والخلف بحركات منتظمة حتى يُصبح صوت رنين اللبن أثناء ارتطامه داخل القِربة حادا.

عند هذه المرحلة، يتم فك شريط الدُباه لخروج الزبد الأبيض بعد فصله عن اللبن الذي يكون حامضا (رائب) يُشبه الزبادي المصنوع، وبعدها يُستخرج السمن البلدي من الزبد بعد غليه على النار.

يُشار إلى أن حجم الثروة الحيوانية في البلاد شهدت تراجعا خلال السنوات الأخيرة، حيث تشير بعض التقديرات الرسمية إلى أن عدد الأبقار لا يتجاوز مليون ونصف بقرة، وهذا يغطي ثلث الاحتياج المحلي من الألبان بينما يتم توفير النسبة الأكبر من خلال الاستيراد الخارجي الباهض الثمن، بحسب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في اليمن.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: