لماذا النازحون بسبب النزاعات أكثر عرضة للتغيرات المناخية؟

تعيش اليمن منذ 11 عاماً أكبر موجات النزوح الداخلي بسبب الصراع المستمر

لماذا النازحون بسبب النزاعات أكثر عرضة للتغيرات المناخية؟

تعيش اليمن منذ 11 عاماً أكبر موجات النزوح الداخلي بسبب الصراع المستمر

ترتبط النزاعات بتغير المناخ ارتباطًا وثيقًا، إذ يمكن لتغير المناخ أن يزيد من احتمالية نشوب نزاعات عنيفة من خلال تفاقم ندرة الموارد والنزوح، في حين يسرّع الصراع نفسه الضرر البيئي.

في اليمن أجبرت الحرب والصراع الدائر في البلاد منذ العام 2015 ملايين اليمنيين على النزوح الداخلي، بينهم حوالي 1.6 مليون شخص يعيشون حاليا في 2.284 موقعاً من مواقع النزوح والاستضافة في 22 محافظة يمنية، أبرزها: الحديدة، وحجة، ومأرب، وتعز.

كما أثرت التغيرات المناخية على حياة النازحين في اليمن، وهددت استقرارهم، وتسببت بتضرر المأوى وسبل العيش؛ إذ قلصت الظواهر المناخية المتطرفة من توفير الخدمات الأساسية، وضاعفت معاناة النازحين المتفاقمة جراء تداعيات الحرب التي تشهدها البلاد منذُ عشر سنوات.


       مواضيع مقترحة 

النزوح المناخي

تعد اليمن واحدة من أكثر بلدان العالم عرضة لتأثير أزمة المناخ، لكنها الأقل استعدادا لمواجهتها أو التكيف معها، كما تُصنف كإحدى أكبر أزمات النزوح في العالم، وهناك نحو 4.8 مليون شخص نازح في اليمن، ويعيش كثيرون منهم في مآوي مؤقتة تفتقر للحماية والخدمات الأساسية، حسب منظمة الهجرة الدولية.

في مطلع مايو/ أيار الجاري حذر برنامج الغذاء العالمي من نقص الغذاء في اليمن وقال إن “معدلات نقص الغذاء بين النازحين ارتفعت إلى مستويات مقلقة؛ حيث يعاني 61٪ منهم من عدم كفاية الاستهلاك الغذائي، فيما يواجه 35٪ ظروفًا غذائية متدهورة، ترتفع إلى 40٪ بين النازحين في المخيمات”.

على سبيل المثال بعد هطول أمطار غزيرة، سوّى انهيار أرضي قرية نائية غرب السودان بالأرض تمامًا في أوائل سبتمبر. كانت القرية مأوى مؤقتًا لمئات النازحين داخليًا الذين فروا من الصراع الدائر في البلاد، ويُخشى أن يكون أكثر من ألف شخص قد لقوا حتفهم في الانهيار الأرضي وفق الموقع الأمريكي.

ويؤثر تغير المناخ والطقس المتطرف أو غير المنتظم المرتبط به على كل من يعيش في نفس المنطقة/ ولكنه لا يؤثر على الجميع بالتساوي. ووفق موقع كونفرسيشن «The Conversation» يعاني النازحون داخليًا من نقاط ضعف خاصة بسبب نزوحهم، فمن المرجح أنهم استنفدوا كل ما كانوا يملكونه من أموال وممتلكات قبل نزوحهم، مما يجعلهم غير قادرين على التكيف مع الظروف التي يعيشها غير النازحين.

النازحون والتغيرات المناخية
تتعرض خيام النازحين في عدد من المحافظات للخراب سنوياً بسبب الفيضانات والسيول (ICRC)

النزوح الداخلي

أظهرت دراسةٌ لمعهد التنمية الخارجية العالمي في مدينة هرات غرب أفغانستان أن الأشخاص الذين لم ينزحون بسبب النزاع تمكنوا من إجراء تغييرات بسيطة في نمط حياتهم خلال فترات الجفاف والحر الشديد. وشمل ذلك التحول إلى استخدام أوعية طينية أو فخارية لتبريد مياههم، أو شراء مكيفات هواء.

لكن النازحين داخليًا لم يتمكنوا من إجراء تغييرات مماثلة. فلقد ركزت استراتيجياتهم التكيفية بشكل أكبر على تقليل الاستهلاك، مثل التخلي عن بعض الوجبات أو الامتناع عن تناول اللحوم.

عندما يصل النازحون داخليًا إلى منطقة جديدة، غالبًا ما تكون الأرض الوحيدة المتاحة للاستقرار متاحة للاستخدام نظرًا لعدم رغبة أي شخص آخر في العيش هناك.

في موكوا نزح عدد كبير من الناس هربًا من الصراع الأهلي الطويل في كولومبيا، استقر النازحون داخليًا في منطقة معرضة للانهيارات الأرضية، إذ كانت المكان الوحيد الذي تتوفر فيه مساكن رخيصة وأراضٍ للبناء. وقد أدى انهيار أرضي عام 2017 إلى مقتل أكثر من 300 شخص هناك، وتدمير عدة أحياء كانت مأهولة بالكامل تقريبًا بأشخاص نزحوا بسبب النزاع.

علاوة على ذلك، غالبًا ما يُغفل النازحون داخليًا في أي خطط لإدارة الكوارث أو الحد من مخاطرها، وقد يؤدي ضعف الإلمام بالقراءة والكتابة أو التحدث بلغة أصلية مختلفة – وهما سمتان شائعتان بين النازحين – إلى عدم استجابتهم للإنذارات المبكرة عند ورودها.

تشير الأدلة إلى أن أنظمة الإنذار المبكر يمكن أن تكون فعّالة للنازحين الذين لجأوا إلى الخارج. ففي بنغلاديش، على سبيل المثال، يُدرج لاجئو الروهينجا من ميانمار في النظام الوطني للإنذار المبكر، مما يسمح لهم بتعزيز ملاجئهم وتخزين الطعام قبل هبوب الأعاصير.

ومع ذلك، لا تكون أنظمة الإنذار المبكر فعّالة إلا إذا طُبّقت وفهمتها جميع المجتمعات المعرضة للخطر. ولم يُنفّذ سوى ببطء شديد مبادرة الأمم المتحدة “الإنذارات المبكرة للجميع” ، التي تهدف إلى ضمان وصول الجميع إلى أنظمة الإنذار المبكر للظواهر الجوية أو المناخية الخطيرة. وينطبق هذا بشكل خاص على البلدان الأكثر عرضة لتغير المناخ.

تقليل المخاطر

جدير بالذكر أن تقليل المخاطر من تأثير النازحين بتغير المناخ و الظواهر الجوية المتطرفة المرتبطة به ليس بالمهمة السهلة، إذ يتطلب من صناع القرار العاملين في مجال المساعدات الإنسانية والتنموية، والمسؤولين الحكوميين، ومخططي المدن المحليين الاستماع والتعلم مما تبذله السكان المحليون بالفعل للتكيف وبناء قدرتهم على الصمود.

للمعرفة الأصلية دورٌ بالغ الأهمية، لكن من انتقلوا حديثًا إلى منطقة جديدة قد لا يعرفون – أو لا يستطيعون – التكيف مع نفس التكيّف الذي يختبره من عاشوا هناك لأجيال.

كما أن هناك أيضًا حدود للتكيف الفردي، بطبيعة الحال ويجب إشراك النازحين في أي جهود للحد من مخاطر الكوارث أو إدارتها، وكذلك في خطط التكيف الوطنية.

ومع ذلك، في عام 2023 وجدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن ما يقرب من ثلاثة أرباع جميع خطط التكيف الوطنية (31 من أصل 42) لم تعالج آثار تغير المناخ على النازحين بالفعل ولم يشمل هذا البحث البلدان التي تعاني من مستويات عالية من النزوح والتي تفتقر تمامًا إلى خطط التكيف الوطنية.

مع نهاية عام 2024 تجاوز عدد النازحين داخليًا حول العالم 80 مليون شخص، وبينما يُولى اهتمام أكبر عادةً لمن يعبرون الحدود ويصبحون لاجئين، إلا أن الواقع هو أن معظم النازحين يبقون داخل حدود بلادهم كنازحين داخليًا.

شارك الموضوع عبر:

الكاتب

    مواضيع مقترحة: