تواجه زراعة الموز في اليمن تحديات كبيرة بسبب التغيرات المناخية ونقص المياه في الآبار الجوفية، وتمثل مورداً اقتصادياً مهماً، وكانت اليمن الأعلى في إنتاج وتصدير الموز على المستوى العربي خلال 2003-2005 وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء، لكنها تراجعت حتى أصبحت هذه الزراعة تواجه صعوبات تتعلق في البيئة.
وتعد فاكهة الموز الأكثر استهلاكا في العالم، لكنها تواجه تهديدا وجوديا بسبب أزمة المناخ؛ إذ توقع باحثون بريطانيون عام 2019 أن التغير المناخي سيقضي في المستقبل القريب على فاكهة الموز المحبوبة حول العالم، محذرين من اختفاء أشجار الموز بشكل كلي في أكثر من 10 دول مهمة في زراعة هذه الفاكهة، التي تتميز بقيمتها الغذائية المهمة.
ومؤخرا حذر تقرير بريطاني من أن حوالي 60 في المائة من مناطق زراعة الموز في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ستصبح غير صالحة للزراعة بحلول عام 2080 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة.
المناخ ومحاصيل الموز
ورغم أن التحذيرات لم تشمل اليمن، لكنها في قلب التحديات المناخية؛ حيث شهدت زراعة الموز خلال السنوات الماضية تراجعا ملحوظا؛ إذ تشير تقارير إلى أن مساحة زراعة الموز في اليمن في العام 2015 كانت تبلغ حوالي 9 آلاف و607 هكتارات، وفي العام 2016 تراجعت إلى 9 آلاف و474 هكتاراً، وفي نهاية العام 2017 تراجعت إلى 9 آلاف و472 هكتاراً.
وتنتشر زراعة الموز في الحديدة، وأبين، ولحج، وحضرموت، على مساحة 10 آلاف هكتار، 60% منها في محافظة الحديدة، بحسب التقرير الإحصائي السنوي الصادر عن وزارة الزراعة والري في عام 2010، والذي حدد إنتاج اليمن بـ 133 ألف طن في العام ذاته، قبل أن يتراجع في عام 2020 إلى 123 ألف طن، من بينها 77 ألف طن تنتجها محافظة الحديدة، بحسب بيانات حديثة.
وبالعودة إلى تحذير تقرير بريطاني فقد أشار إلى أن “الطقس المتطرف والجفاف والفيضانات والأمراض الفطرية المرتبطة بالمناخ تدمر محاصيل الموز، وخاصة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، والتي تمثل 80 في المائة من صادرات الموز العالمية”.
وبحسب الغارديان البريطانية، يعد الموز من أكثر الفواكه إنتاجا واستهلاكا على مستوى العالم، ويتوافر بأكثر من ألف نوع في العالم، ويوفر العديد من العناصر الغذائية الحيوية للسكان في البلدان المنتجة والمستوردة على حد سواء.
كما تلعب صادرات الموز دورا مهما في التجارة الزراعية العالمية، مع اعتماد العديد من البلدان بشكل كبير على صادراته في دعم اقتصادها، حيث تشكل تجارة الموز شبكة كبيرة من المنتجين والمصدرين والمستوردين.
وفي غياب إجراءات عاجلة، قد تصبح 60% من مناطق زراعة الموز الأكثر ملاءمة في المنطقة غير صالحة للزراعة بحلول عام 2080، وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة كريستيان إيد البريطانية.

وتشير دراسات متخصصة إلى فوائد عديدة للموز، منها تحسين صحة القلب والتخفيف من اضطرابات المعدة من خلال عنصر البوتاسيوم الذي يلعب دورا مهما في الحفاظ على استقرار التوازن الكهرليتي للجسم، كما تسهم الفيتامينات والمعادن المهمة التي يحتويها الموز في التقليل من خطر الاصابة بالسرطان، كما يحتوي على نسبة عالية من فيتامين سي، وهو أحد أقوى مضادات الأكسدة المتوفرة.
أشجار الموز عرضة للأمراض
أصبحت اليوم فاكهة الموز أكثر عرضة للأمراض؛ فمعظم الموز المُصدّر يأتي من صنف مُستنسخ واحد، وهو موز” كافنديش”، مما يجعله أكثر عرضة للأمراض.
ووفق صحيفة الغارديان ، فإن الموز، وخاصةً موز كافنديش، فاكهة حساسة؛ حيث يحتاج إلى درجات حرارة تتراوح بين 15 و35 درجة مئوية (59 و95 درجة فهرنهايت) لينمو، وكمية كافية من الماء ولكن ليس أكثر من اللازم. وهو حساس للعواصف، التي قد تتسبب في تساقط أوراق الموز، مما يُصعّب عملية التمثيل الضوئي.
وفي حين أن هناك مئات من أنواع الموز، فإن الكافنديش يشكل الغالبية العظمى من الصادرات منذ أن اختارته تكتلات الفاكهة بسبب نكهته الجيدة، وقدرته على التحمل، وعائده المرتفع، لكن الافتقار إلى التنوع الجيني هو ما يجعل الموز عرضة بشكل خاص للتغيرات المناخية السريعة.
وتُلحق أزمة المناخ ضررًا مباشرًا بظروف النمو، وتُسهم في انتشار الأمراض الفطرية التي تُدمر بالفعل المحاصيل وسبل العيش؛ إذ يُمكن لفطر الأوراق السوداء أن يُقلل من قدرة نباتات الموز على التمثيل الضوئي بنسبة 80%، وهو يزدهر في الظروف الرطبة، مما يُعرّض الموز لخطر هطول الأمطار غير المنتظمة والفيضانات.
كما يُفاقم ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار فطرًا آخر، وهو الفيوزاريوم الاستوائي من النوع 4، وهو ميكروب ينتقل في التربة ويُدمر مزارع كافنديش بأكملها حول العالم.
يشار إلى أن “الفيوزاريوم الاستوائي” من النوع 4، قد قضى بالفعل على مزارع الموز في أجزاء من آسيا وأمريكا اللاتينية، وهو ينتشر بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الفيضانات. وهناك مرض آخر، وهو داء “الخطوط السوداء” (Black Leaf Streak)، الذي ينتشر في الظروف الحارة والرطبة، ويمكن أن يُقلل من إنتاج الموز بنسبة 80%.
وتشهد الدول المنتجة للموز، مثل غواتيمالا والهند وكوستاريكا، انخفاضًا في إنتاجية محاصيلها، وتزايدًا في الضغوط الاجتماعية والاقتصادية. ولا يواجه المزارعون فقط قلة المحاصيل، بل يتعرضون أيضًا لمبيدات حشرية ضارة، تُستخدم غالبًا لحماية مزارع المحاصيل الأحادية من الآفات والأمراض.
حلول مقترحة
دعت منظمة “كريستيان إيد” البريطانية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من جانب الدول الغنية لخفض انبعاثات الكربون وتوفير التمويل المناخي لدعم المزارعين في الدول المعرضة للخطر. وأوصت بزراعة الموز القادر على الصمود والمستدام، بما في ذلك الاستثمار في الأصناف المقاومة للجفاف، وتحسين الري، وممارسات التجارة العادلة.
وقالت هولي وودوارد-ديفي، من حملة “بانانا لينك”: “يواجه مزارعو الموز ظروفًا أكثر خطورة نتيجةً لتغير المناخ. وبدون تغيير منهجي، فنحن سنواجه خطر دمار موز “كافنديش”.
وقال أوساي أوجيغو، من منظمة كريستيان إيد: “علينا أن نعي الخطر الذي يشكله تغير المناخ على هذا المحصول الحيوي. إن حياة وسبل عيش الأشخاص الذين لم يفعلوا شيئًا للتسبب في أزمة المناخ مهددة بالفعل”.
وحثت المنظمة الدولية المستهلكين على دعم مزارعي الموز من خلال اختيار الموز العادل والموز العضوي، مما يدعم تحسين الدخول، ويقلل من استخدام المواد الكيميائية.
ويُعد الموز رابع أهم محصول غذائي عالميًا بعد القمح والأرز والذرة. ويعتمد عليه أكثر من 400 مليون شخص للحصول على ما يصل إلى 27% من سعراتهم الحرارية اليومية.