كثير من المزارعين في اليمن معرضون لمخاطر حبات البرد؛ لما تسببه من أضرار على مزارعهم، والتي تتساقط خلال موسم الأمطار، لكن المتغير خلال السنوات الماضية هو حجم حبات البرد الكبيرة، والتي أصبحت تخلف دماراً حتى في الممتلكات أيضاً.
هذه المخاطر ليست في اليمن فقط، حيث أفادت تقارير حديثة، أن أوروبا معرضة بشكل متزايد لخطر حبات البرد بحجم “كرات الجولف” وفي الولايات المتحدة حطمت حبات البرد أسطح المنازل وألحقت أضراراً بالطائرات خلال العام الماضي 2024.
وشهدت محافظات يمنية مؤخرًا هطول أمطار غزيرة مصحوبة بحبات برد كبيرة لم يسبق لها مثيل، أثارت دهشة السكان، وخلّفت أضرارًا وخسائر في المحاصيل الزراعية وألواح الطاقة الشمسية؛ حيث تركزت خلال الأشهر الماضية في المناطق الريفية بمحافظتي عمران وإب.
“محمد حمود (66 عاماً)” أحد المزارعين في ريف إب (وسط اليمن) تفاجأ عندما زار مزرعته ليجدها يابسة تمامًا، وكأنها في عز فصل الشتاء، بل وأكثر من ذلك. وفي حديثه لمنصة “ريف اليمن”، يقول حمود: “هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها قريتنا لمثل هذا البرد منذ طفولتي. إنها حالة نادرة فعلاً”.
مواضيع مقترحة
كيف تهدد جزيئات البلاستيك الصغيرة الأمن الغذائي؟
المزارعون اليمنيون: معركة غير متكافئة مع الصقيع
كيف تتأثر اليمن بزيادة مستوى سطح البحر العالمي؟
حبات البرد الكبيرة
حمود، ومعه المئات من المزارعين في اليمن يؤكدون ندرة تساقط حبات البرد الكبيرة التي شهدتها مناطقهم. لكن هذه الظاهرة مرتبطة بما يحدث بصورة متكررة في السنوات الأخيرة بدول عربية وعالمية، يمكن القول إنها تأتي في سياق ظاهرة متطرفة آخذة في التزايد على المستوى العالمي.

على سبيل المثال، شهدت ولايات تكساس، وكولورادو، وألاباما الأمريكية تحطيمًا للأرقام القياسية لأكبر حبات بَرَد في السنوات الثلاث الماضية، حيث وصل قطرها إلى 16 سم (6.2 بوصة) وفي عام 2020 ضربت حبات بَرَد بلغ قطرها حوالي 18 سم (7.1 بوصة) العاصمة الليبية طرابلس. هذه الأمثلة تعزز فكرة أن الظواهر الجوية القاسية، ومنها البرد بحجمه غير المعتاد، قد أصبحت أكثر شيوعًا وتطرفًا.
يربط العلماء هذه الظاهرة المتنامية بتغير المناخ العالمي وارتفاع درجات الحرارة، ووفقًا للباحثين، يسمح ارتفاع حرارة الهواء بتشكل المزيد من بخار الماء، مما يعزز تكون سحب عاصفة قوية قادرة على إنتاج حبات بَرَد ضخمة.
وحذر تقرير جديد لمجلة نيو ساينتست «NewScientist» العلمية المرموقة من أن تغير المناخ يزيد من تهديد العواصف البَرَدية في أوروبا التي تشهد تزايدًا ملحوظًا في عدد وشدة العواصف البَرَدية، حيث أصبحت حبات البَرَد كبيرة الحجم، يتجاوز قطرها 5 سنتيمترات -ما يعادل حجم كرة غولف- أكثر شيوعًا مما كانت عليه في العقود الماضية.
وأصبحت أوروبا أيضاً معرضة بشكل متزايد لخطر حبات البرد بحجم كرات الجولف، وتشير البيانات الحديثة إلى أن العواصف البَرَدية الكبرى لم تعد نادرة، بل أصبحت أكثر تواترًا، وخاصة في دول مثل فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا.
وبحسب تقريرالغارديان «TheGuardian» فقد تأثرت منطقة وسط فرنسا بشدة بالطقس القاسي، حيث اجتاحت عواصف عاتية جنوب غرب البلاد مطلع يونيو من العام الحالي. وكانت مقاطعتا “لوار” و”بوي دو دوم” من بين الأكثر تضررًا، حيث لحقت بهما أضرار جسيمة جراء عاصفة رعدية عنيفة للغاية، تسببت في تساقط حبات برد يصل قطرها إلى 6 سنتيمترات، أي أكبر من حجم كرات تنس الطاولة.
ويعتبر هطول البَرَد أكثر شيوعًا خلال فصلي الربيع والصيف عندما تتوافر بعض المكونات الرئيسية:
- الهواء الدافئ الرطب بالقرب من سطح الأرض.
- كتلة هوائية غير مستقرة في طبقة التروبوسفير الوسطى.
- الرياح المتغيرة بقوة مع الارتفاع.
- العواصف الرعدية الناجمة عن نظام الطقس.

أضرار وخسائر مادية
يمكن أن تكون العواصف البردية مدمرة، وخاصة بالنسبة للمزارع، حيث يمكن لوابل من حبات البرد الصغيرة أن تدمر المحاصيل وتتلف الفاكهة، ذلك ما حدث في مزرعة محمد حمود وبقية المزارعين بريف محافظة إب.
ويشير موقع ذا كونفرسيشن «The Conversation» في تقرير، بأنه كلما كبر حجم حبات البَرَد، زادت طاقتها وقوتها عند اصطدامها بالأجسام بشكل كبير، فحبات البَرَد التي تتساقط من السماء بحجم كرة بيسبول لها طاقة حركية تعادل طاقة كرة سريعة عادية في دوري كرة قدم أمريكي. ونتيجةً لذلك، تزداد الأضرار التي تلحق بالممتلكات كالأسقف والواجهات والنوافذ والسيارات كلما كبر حجم حبات البَرَد.
قد يؤدي تغير المناخ لزيادة حبات البَرَد الكبيرة، فمع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي يرتفع مستوى التجمد، وتذوب حبات البَرَد الصغيرة تمامًا قبل وصولها إلى الأرض
وكما هو متوقع فقد تسببت بعض هذه العواصف البردية في أضرار مادية جسيمة، حيث أدت إلى تهشيم نوافذ السيارات، وتلف الأسطح، وخراب المحاصيل الزراعية، فضلًا عن تهديد سلامة السكان. وفي بعض الحالات، تجاوزت الخسائر المادية حاجز مليار دولار نتيجة لهذه الظواهر العنيفة.
ويحذر العلماء من أن وتيرة هذه العواصف ستستمر في الازدياد مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة عالميًا، ما يستوجب تطوير خطط تأمين فعالة وأنظمة إنذار مبكر، إضافة إلى تعديل تصاميم البنية التحتية لمقاومة هذا النوع من المخاطر المناخية.
ما علاقة البرد بالتغيرات المناخية؟
يطرح باحثون فرضيتين أساسيتين تفسران لماذا قد يكون تغير المناخ سبباً في جعل بعض المكونات الرئيسية لحبات البرد الكبيرة أكثر شيوعاً، وفق موقع “ذا كونفرسيشن”:
- أولاً: ازدادت نسبة الهواء الدافئ الرطب مع ارتفاع درجة حرارة الأرض؛ وهذا يُوفر طاقةً أكبر للعواصف الرعدية، ويُتيح وفرةً أكبر للماء فائق البرودة في العواصف الرعدية لنمو البَرَد.
- ثانيًا: ازدادت الكتل الهوائية غير المستقرة، التي نشأت فوق التضاريس المرتفعة في غرب أمريكا الشمالية على سبيل المثال، ثم تحركت شرقًا ومع اختفاء الغطاء الثلجي مبكرًا في العام، تزداد احتمالية تشكل هذه الكتل الهوائية غير المستقرة مع ارتفاع حرارة الأرض بفعل الشمس، كما لو أن موقدًا في المطبخ يُسخّن الغلاف الجوي فوقه.
وبحسب خبراء، قد يؤدي تغير المناخ أيضًا إلى انخفاض حبات البَرَد الصغيرة وزيادة حبات البَرَد الكبيرة، فمع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، يرتفع مستوى التجمد في الغلاف الجوي، قد تذوب حبات البَرَد الصغيرة تمامًا قبل وصولها إلى الأرض، أما حبات البَرَد الكبيرة، فتتساقط أسرع، وتحتاج إلى وقت أطول للذوبان، لذا فهي أقل تأثرًا بمستويات التجمد العالية.
ويحذر العلماء من أن الجمع بين المكونات الأكثر ملاءمة لتساقط حبات البرد الكبيرة والتغيرات في طبيعة عواصف البرد نفسها قد يؤدي إلى زيادة في سقوط حبات البرد الكبيرة جدًا في المستقبل.
كيف تحافظ على سلامتك أثناء عاصفة بردية؟
قد يكون الوقوع في عاصفة رعدية شديدة مصحوبة بتساقط بردٍ كثيف تجربةً غير جيدة. إليك بعض الإرشادات التي تساعدك على البقاء آمنًا في مثل هذه الحالة:
- إذا كنت تقود السيارة: توقف بأمان إلى جانب الطريق وابقَ داخل المركبة. وإن وجدت مظلة محطة وقود أو مكاناً للاحتماء، فحاول البقاء تحته إن كان ذلك ممكنًا.
- إذا كنت في الخارج: ابحث فورًا عن مأوى قوي كأحد المباني. وإذا لم تتمكن من الوصول إلى مأوى، فاحمِ رأسك بأية وسيلة متاحة.
- إذا كنت داخل المنزل: ابتعد عن النوافذ، وابقَ في الداخل حتى ينتهي تساقط البَرَد.
صورة الغلاف: ثلوج متراكمة نتيجة تساقط حبات البرد في المحويت غربي صنعاء 19 مايو 2023 (تركي المحيا)