تواجه زراعة الموز في اليمن أزمة حقيقية تهدد مستقبل هذا المحصول الحيوي، نتيجة للتغيرات المناخية الحادة، ونقص المياه، والأمراض الفطرية، إلى جانب تحديات اقتصادية ومعيشية متراكمة.
هذا التهديد لا يطال فقط القطاع الزراعي، بل يمتد ليشمل الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي، خاصة وأن الموز يُعد من أبرز محاصيل الفاكهة في البلاد.
أهمية اقتصادية مهددة
يحتل الموز المرتبة الرابعة بين أهم محاصيل الفاكهة في اليمن بعد المانجو والنخيل والعنب، وتصدرت البلاد مقدمة الدول العربية من حيث إنتاج وتصدير الموز بين عامي 2003 و2005، وفق الجهاز المركزي للإحصاء، حيث كان يُصدر بكميات كبيرة إلى دول الخليج، ويُعتبر الموز البلدي من أجود الأصناف.
وبلغ إنتاج الموز في عام 2021 نحو 132 ألف طن، إلا أن هذا الرقم مهدد بالتراجع المستمر، نتيجة للتحديات المناخية والبيئية والاقتصادية.
أمراض وفطريات تهدد زراعة الموز
تواجه زراعة فاكهة الموز تهديدات متزايدة بسبب التغيرات المناخية، حيث تؤثر درجات الحرارة المتطرفة ونقص المياه سلبًا على المحاصيل.
يعتمد إنتاج الموز بشكل كبير على صنف “كافنديش”، ما يجعله أكثر عرضة للأمراض نظراً لافتقاره إلى التنوع الوراثي.
تتطلب زراعة الموز بيئة تتراوح حرارتها بين 15 و35 درجة مئوية مع وفرة في المياه، لكن موجات الجفاف والفيضانات المتكررة تُلحق أضراراً جسيمة بالمزارع.
من بين أخطر التهديدات، فطر “الفيوزاريوم الاستوائي – النوع 4″، الذي يؤدي إلى تدمير مزارع “كافنديش” بالكامل في عدة مناطق حول العالم، كما أن مرض “الخطوط السوداء” قد يتسبب في خفض إنتاج الموز بنسبة تصل إلى 80%.
تراجع المساحات والإنتاج
يُزرع الموز في محافظات الحديدة، أبين، لحج، وحضرموت، وتتركز أكثر من 60% من زراعته في محافظة الحديدة، لكن بيانات كتاب الإحصاء الزراعي السنوي (2021)، تظهر تراجعاً واضحاً في المساحة المزروعة والإنتاج خلال السنوات الأخيرة:
المساحات:
- 2010م: 10,000 هكتار.
- 2015م: 9,607 هكتار.
- 2016م: 9,474 هكتاراً.
- 2017: 9,472 هكتاراً.
الإنتاج:
- 2010: 133 ألف طن.
- 2020: 123 ألف طن.
معظم الإنتاج من الحديدة (77 ألف طن)
تحديات تهدد زراعة الموز
تعاني زراعة الموز في اليمن من تحديات متعددة، تتفاقم يوماً بعد آخر نتيجة لتقلبات المناخ والأزمات الاقتصادية المتراكمة، مما يهدد استمرارية هذا المحصول الحيوي.
أثرت التغيرات المناخية بشكل كبير على زراعة الموز، حيث أدى الجفاف والفيضانات المتكررة إلى تراجع نمو الأشجار، ويخشى المزارعون من اختفاء تدريجي لهذا المحصول في حال استمرت الظروف الحالية.
في المقابل، يعيش السكان في المناطق الزراعية حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي، مع تراجع مستويات الدخل، ما يضعف قدرتهم على الاستثمار في تحسين زراعتهم أو حمايتها من الآفات. كما أدى توقف التصدير بفعل الحرب وتفشي الأوبئة مثل الكوليرا إلى تراجع حاد في الإنتاج، وسط غياب الدعم الكافي من الجهات الرسمية.
تعاني المنتجات المحلية من نقص في وسائل التخزين المناسبة، ما يؤدي إلى تلف جزء كبير من المحاصيل قبل تسويقها، في حين تواجه الشاحنات صعوبات كبيرة في النقل بسبب تردي الطرق وإغلاق بعض المعابر، مما يجبرها على استخدام مسارات بديلة وغير صالحة.
إلى جانب ذلك، أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى زيادة أجور النقل، ما رفع من تكلفة إنتاج وتسويق الموز، وأضعف من قدرته التنافسية في الأسواق المحلية والخارجية.
حلول ممكنة لمعالجة الأزمة
من أجل الحفاظ على زراعة الموز وضمان استدامتها قم بالإجراءات التالي:
- خفض انبعاثات الكربون وتوفير التمويل المناخي لدعم المزارعين.
- زراعة أصناف مقاومة للجفاف وتحديث شبكات الري.
- تشجيع المستهلكين على شراء الموز المحلي والعضوي.
- توفير وسائل تخزين مناسبة وتسهيل عمليات التوزيع والنقل.
- دعم السياسات الزراعية وفتح المعابر لتقليل التكاليف اللوجستية.
اذاً تستدعي الأزمة الحالية استجابة سريعة وشاملة من الجهات الحكومية والمنظمات المعنية بالزراعة والبيئة، لضمان بقاء هذا المحصول الاستراتيجي ضمن منظومة الأمن الغذائي في اليمن.