موسم الطماطم في أبين.. تحديات تواجه الإنتاج

يواجه المزارعون تحديات مناخية واقتصادية وتسويقية

موسم الطماطم في أبين.. تحديات تواجه الإنتاج

يواجه المزارعون تحديات مناخية واقتصادية وتسويقية

تُعدّ محافظة أبين جنوب اليمن من أبرز المناطق اليمنية في إنتاج الطماطم، لكن مهمة المزارعين في الحفاظ على استقرار الإنتاج تواجهها تحديات عدّة، تتنوع بين عوامل طبيعية، وارتفاع تكاليف المستلزمات الزراعية، مما يجعلها مهمّة معقدة.

وعلى الرغم من تلك التحديات، يستعد المزارعون لجني محصول الطماطم في ديسمبر الجاري، بين تفاؤل حذر بتحقيق إنتاج أفضل مقارنة بالمواسم السابقة التي لم تكن موفقة بسبب مشكلات مناخية واقتصادية.

موسم الطماطم في أبين

يُزرع الطماطم في غالبية مناطق المحافظة، لكن الإحصاءات الدقيقة عن المساحات المزروعة غائبة. ويذكر المهندس والخبير الزراعي عبد القادر السميطي أن المساحة المزروعة بالطماطم في أبين تُقدّر بين 1000 – 3000 فدان، بناءً على جولات ميدانية أجراها في الأراضي الزراعية.

“وينتج الفدان الواحد من الطماطم بين 15- 20 ألف كيلو بالمتوسط، ومواسم زراعة هذا المحصول من شهر سبتمبر إلى نوفمبر، وهناك موسم ثان يبدأ من شهر يناير إلى شهر مارس”. يتابع السميطي حديثه.


مواضيع مقترحة

استيراد الطماطم باليمن: حرب على “سُبل العيش” للمزارعين
ما علاقة إنتشار الآفات الزراعية بالتغير المناخي؟
قصة نجاح ملهمة.. أول مشروع زراعي بكادر نسائي بجزيرة سقطرى


ورغم الجهود المبذولة، يواجه المزارعون تحديات تسويقية كبيرة، فقد أشار السميطي إلى أن سعر صندوق الطماطم (18-20 كيلوجراما) انخفض في أوقات الذروة إلى أقل من 2000 ريال يمني،(الدولار يساوي 2050 ريالا) وهو سعر لا يغطي تكلفة الإنتاج، ويشكّل خسارة كبيرة للمزارعين.

تتفاوت الأسعار بين مديريات المحافظة، فالمناطق ذات درجات الحرارة المعتدلة مثل لودر والمنطقة الوسطى، تكون الأسعار أفضل نسبيًا؛ إذ يصل سعر الكيلوغرام إلى 1500 ريال. أما في دلتا أبين، فلا يزال محصول الطماطم في مرحلة التزهير، ومن المتوقع أن يبدأ جني المحصول في منتصف ديسمبر الجاري، ويأمل المزارعون أن يكون الإنتاج جيدا.

تقف كثير من التحديات والمشاكل في طريق مزارعي الطماطم والمزارعين بشكل عام في محافظة أبين، وفي حين تتطلّب بعض التحديات تدخلات فاعلة من الجهات الحكومية المختصة، فإن المزارعين الآن يسعون إلى التقليل مِن آثار بعض هذه المشاكل بالوعي والجهود الذاتية.

التحديات والمشاكل

عبدالله علي، (40 عاما )، أحد المزارعين في منطقة مكيلان بمديرية خنفر، قال إن تدهور قيمة العملة وارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية مثل الأسمدة والبذور والمحروقات، إلى جانب أجور العمال، كل ذلك يشكل تحديًا كبيرًا.

وأشار علي في حديثه لمنصة ريف اليمن إلى انتشار الآفات الزراعية بشكل واسع هذا الموسم نتيجة للظروف المناخية، مما أثر بشكل مباشر على الإنتاج. وأضاف أن شجرة السيسبان (أو المسكيت) التي تنتشر في المناطق الزراعية، تُعد موطنًا خصبًا للحشرات والآفات الضارة التي تلحق أضرارًا جسيمة بالمحاصيل.

موسم الطماطم في أبين.. تحديات عدّة لاستمرار الإنتاج
أشجار محملة بحبات الطماطم في إحدى المزارع بمحافظة أبين جنوبي البلاد(ريف اليمن)

وأكّد أنّ ضعف وعي المزارعين بضرورة مكافحة الآفات قبل تفشيها يؤدّي إلى انتشارها بشكل أكبر، مما يزيد من صعوبة الحفاظ على الإنتاج. كما أشار إلى أن زيادة العرض وقلة الطلب في المواسم السابقة دفعت كثيرا من المزارعين إلى التردّد في زراعة الطماطم، مجددًا خوفًا من الخسائر المادية.

ويُعتقد أن هذه التحديات دفعت بكثير من المزارعين إلى تجنب زراعة محصول الطماطم نتيجة الخوف من تكرار التجربة والخسارة المادية على غرار بعض المواسم السابقة، لكنهُ أشار إلى وجود مناطق أخرى يرُجّح أن تكون فيها زراعة الطماطم بشكل أفضل على أمل تغطية السوق.

وشهدت مواسم زراعة الطماطم في أبين خلال الأعوام الماضية تأثيرات واضحة للتغيرات المناخية، بالإضافة إلى انتشار الآفات الزراعية مثل الذبابة البيضاء، والندوة المبكرة، والعفن القمي، والتوتا أنسلوتا. وقال المهندس السميطي إن هذه التأثيرات أدت إلى خسائر كبيرة للمزارعين، خصوصًا في موسم 2022، فقد تسبب ارتفاع درجات الحرارة وتكاثر الآفات في تدمير جزء كبير من المحصول.

وأضاف أن بعض المزارعين لجؤوا إلى زراعة محاصيل أخرى مثل البصل والبسباس، بينما اعتمد آخرون على زراعة الطماطم في البيوت المحمية، إلا أن درجات الحرارة المرتفعة التي تجاوزت 40 درجة مئوية أدت إلى فشل هذه المحاولات.

واحدة من أبرز المشكلات التي تواجه مزارعي الطماطم في أبين هي انعدام وجود مشاتل محلية توفر الشتلات اللازمة. وأوضح السميطي أنّ المزارعين يضطرون إلى استيراد الشتلات من محافظات مثل ذمار وتعز وصنعاء، مما يزيد مِن تكلفة الإنتاج.

لافتا أن نقص الخبرة الفنية يمثل تحديًا إضافيًا، فقد تسبّب تقاعد المهندسين الزراعيين والباحثين في ضعف التوجيه الفني للمزارعين، ما يجعلهم أكثر عرضة للخسائر الناتجة عن سوء التعامل مع التقلبات المناخية والآفات الزراعية.

جهود حكومية محدودة

ويُعد القطاع الزراعي الأهم في اليمن، إلا أنه لا يوفر حاليا سوى 15 – 20% من الاحتياجات الغذائية، وذلك بسبب محدودية الأراضي الزراعية وموارد المياه والممارسات الزراعية السيئة، وفقا للبنك الدولي

وفق تقرير صادر عن إدارة الإحصاء في وزارة الزراعة والري والثروة السمكية لعام 2022، بلغت المساحات المزروعة بالطماطم في اليمن 2,790 هكتارا موزعة على سبع محافظات. وأشار التقرير، الذي حصلت منصة ريف اليمن على نسخة منه، إلى أن ارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية، والتغيرات المناخية، وغياب آليات تسويق المنتج تسبب في انخفاض الإنتاج وتكدّس المحصول.

شهدت مواسم زراعة الطماطم في أبين خلال الأعوام الماضية تأثيرات واضحة للتغيرات المناخية، بالإضافة إلى انتشار الآفات الزراعية(ريف اليمن)

ونوه التقرير أن وزارة الزراعة تسعى إلى تنفيذ مشاريع لتحسين القطاع الزراعي، تشمل إمداد الآبار بالطاقة الشمسية، وإنشاء بيوت محمية بالتعاون مع منظمات دولية، واستكمال سدّ حسان لخدمة الأراضي الزراعية، كما يجري التنسيق مع الجهات الحكومية لتطوير عملية التسويق، وإعادة تشغيل مصنع معجون الطماطم في محافظة لحج. إضافة إلى غياب أي جهة أو مؤسسة تستلم منتج الطماطم وعدم وجود مصنع لصناعة معجون الطماطم وتعليبه، ما أدى إلى تكدّس المنتج في العام الماضي وتسبّب في خفض قيمته وإتلاف البعض الآخر.

وبعد مرور عامين من صدور التقرير ونتيجة للتغييرات المناخية وغلاء أسعار المستلزمات الزراعية التي أدت إلى تضرّر عدد كبير من الأراضي الزراعية وضعف القدرة الشرائية للمزارعين، بعد كل ذلك من المرجح أن تكون المساحة المزروعة الآن أقل من تقديم حصيلة دقيقة من الجهات الحكومية المعنية.

ويوضح التقرير أن الوزارة تسعى إلى إرشاد المزارعين حول الزراعة وعمليات خدمة المحصول، إلى جانب تكثيف الدور الإعلامي التوعوي في الإذاعات المحلية (المكلا، سيئون، عدن) لتتولى مهمة نشر الأسعار اليومية في أسواق الجملة حتى يطّلع عليها المزارع والمستهلك معًا.

ووفقا للتقرير تسعى الوزارة إلى إمداد الآبار بالطاقة الشمسية، وكذلك إنشاء بيوت محمية بالتعاون مع المنظمات الدولية في البلد، والقيام بالحواجز والدفاعات عن الأراضي الزراعية، مع استمرار العمل في سد حسان، وهي منشأة ستخدم عددا كبيرا من المزارعين. إضافة إلى التنسيق مع الجهات الحكومية للقيام بالجوانب التسويقية لضمان استلام المنتج من المزارع بقيمة مناسبة وتوزيعه بشكل مناسب على المحافظات، والعمل على إعادة تشغيل أو تأهيل مصنع معجون الطماطم في منطقة الفيوش التابعة لمحافظة لحج.

يرى الخبير الزراعي السميطي أن نجاح موسم الطماطم في أبين يعتمد على عدة عوامل، أبرزها مكافحة الآفات الزراعية بفعالية، وتجنب الاستخدام العشوائي للمبيدات والأسمدة الكيميائية التي قد تضر بالمحصول. وشدّد على أهمية الالتزام بالدورة الزراعية لتقليل انتشار الآفات، بالإضافة إلى اختيار بذور وشتلات مقاومة للأمراض. وشدد على أهمية إشراك الخبراء الزراعيين المتقاعدين في تدريب الجيل الجديد من المزارعين؛ لأن الخبرة الجيّدة من أبرز العوامل في إنجاح وزيادة الإنتاج الزراعي.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: