يعد سد مأرب التاريخي الذي يعود تاريخ إنشاؤه إلى بديات الألفيّةِ الأولى قبل الميلاد، شريان حياة للمزارعين في المحافظة الواقعة شرقي اليمن، إذ إنه من أقدم الحواجز المائية في المنطقة العربية، وقد مثل قديما وحديثا مصدرا رئيسيا لري الأراضي الزراعية.
يبعد السد عن المدينة مارب نحو 8 كيلومترات، ويمتد نحو 10 كيلومترات, ويتسع لـ400 مليون متر مكعب، وطول الحاجز 736 متراً، وبارتفاع 40 متراً، وعرض القاعدة الترابية التي يتشكل منها الحاجز بعرض 336 متراً، وتنتهي بـ6 أمتار، تم ردمها من الخارج بطبقة صخرية لحمايتها.
يوجد ثلاثة سدود تحويلية تعمل على احتواء المياه المتدفقة من السد الرئيسي، والتي تعمل على إعادة توزيع المياه على المزارع والحقول في مديريتي المدينة والوادي، حيث تغطي القنوات الصناعية للسد نحو 10 آلاف هكتار من الأراضي، بحسب مكتب الزراعة في المحافظة.
مواضيع مقترحة
• سد مأرب العظيم.. أعجوبة تأريخية في اليمن
• مزارعو مأرب يخوضون حربا أخرى من أجل العيش
• الزراعة والأمن الغذائي: تحذيرات من انهيار سبل العيش
يقول المهندس “أحمد العريفي” مدير مشروع “سد مأرب” إن قنوات السد تفتح كل عام لري أكثر من 7400 هكتار من المساحات الزراعية عبر القنوات المنتشرة بين مديريتي المدينة والوادي.
ونتيجة لارتفاع المياه صيفا جراء تدفق السيول، تفتح إدارة السد قناة التصريف الرئيسية والتي يبلغ طولها نحو 1,6 كيلومتر، وبطول يبلغ نحو 70 كيلومتراً تمتد القنوات الصناعية الفرعية وسط الحقول، وتبدو للناظر كشرايين ملتوية تتدفق بواسطتها المياه الى الحقول والمزارع بكل سلاسة وسهولة.
وسط وادي “عبيدة” يقف الشاب “عبد الخالق علي عبد الله”، في أحد الحقول الزراعية متفقدا محاصيل “العتر”؛ وهو نوع من أنواع الحبوب الذي يتم زراعته في الوادي، وإلى جواره حقول متعددة تُزرع فيها الذرة والبصل.
شريان للمزارعين
حصل عبد الخالق وإخوانه قبل نحو 20 عاماً على أراضي متعددة مختلفة المساحة عبر نظام الشراكة من ملاك الأرض، واستطاعوا إصلاحها وزراعتها والاستفادة من المحاصيل، يؤكد عبد الخالق أن “هذه أرض خيرة تزرع فيها كل شيء، وعائدها طيب للناس كلها”.

يؤكد عبد الخالق في حديثه لمنصة ريف اليمن أن مياه السد تمثل شريحان حياة لزراعته، ولكل المزارعين في الوادي والمحافظة، قائلاً: “الأمطار تكاد تكون منعدمة في مأرب، ومياه السد هي مصدرنا الرئيسي للزراعة وتغذية الآبار”.
ويضيف: “نعمل على ري جزء من المحاصيل؛ إذ إن تلك المياه مناسبة لزراعة البر، والذرة، والعدس، لكنها غير مناسبة لري الخضار والطماطم والبطاط التي تحتاج إلى مياه جوفية أكثر نقاوة” موضحا ” السد هو من يغذي الآبار والمياه الجوفية”.
ومع ارتفاع عدد سكان مأرب خلال الأعوام العشرة الماضية نتيجة النزوح (3 ملايين نسمة بحسب السلطة المحلية) ازدهرت الزراعة، وزادت عملية استصلاح الحقول الزراعية في مديرية الوادي.

يقول عبد الخالق: “خلال السنوات الماضية ضاعفنا عملية زراعة المحاصيل نتيجة تضاعف عملية طلب السكان في سوق المدينة على الخضار؛ خصوصا البطاطس والطماطم والبصل وغيرها”. ويقدِّر زيادة الطلب بنسبة 500% على ما كان عليه في السابق، قائلاً: “كنت أبيع في الأسبوع سيارة خضار، لكن اليوم أبيع في الأسبوع 4-5 سيارات”.
نازحون مزارعون
مع توفر المياه وانخفاض تكاليف الإنتاج، لجأ الكثير من النازحين إلى العمل في الحقول الزراعية؛ وهو ما ساهم في استقرار الأسر النازحة، ومعه زادت مساحة الزراعة في المحافظة.
“نجيب محمد” (40عاما) وهو أحد سكان مديرية نهم محافظة صنعاء نزح في العام 2015 إلى مأرب؛ تمكن وإخوانه من الحصول على أراضٍ زراعية في “الحدد” بوادي عبيدة.
يقول نجيب لـ “ريف اليمن”: “حصلنا في البداية على أراضي زراعية من خلال نظام الشراكة (إعطاء مالك الأرض ثلث المحاصيل) واستقرينا مع عوائلنا في الحدد”.
ويضيف: “عملنا في زراعة البطاط، والبصل، والخضار، والبرتقال وغيرها من المحاصيل، واستطعنا إعالة أسرنا خلال الأعوام الماضية، وبناء منازل طينية مقاومة للحرارة”.

مدير العلاقات والإعلام في الوحدة التنفيذية الخاصة بالنازحين “أيمن عطاء” قال لمنصة ريف اليمن إن “الكثير من النازحين استقروا في مديرية الوادي بالقرب من الحقول الزراعية التي وجدوا فيها فرص للعمل”، موضحا أن المديرية تحتضن أكثر من 16 مخيماً.
وتبلغ المساحة المزروعة في محافظة مأرب وفقا لكتاب الإحصاء الزراعي الصادر عن الإدارة العامة للإحصاء والمعلومات الزراعية للعام 2021م 33 ألفاً و391 هكتارا موزعة على المحاصيل التالية: الحبوب تبلغ المساحة المزروعة 7 آلاف و798 هكتارا، وبلغت الكميات الإنتاج 14 ألفاً و318 طنا، والخضروات تبلغ المساحة المزروعة 4 آلاف و152 هكتارا وكميات الإنتاج 76 ألفاً و942 طنا.
بينما تبلغ المساحة المزروعة بالفاكهة -بحسب نفس الإحصائية- 6 آلاف و17 هكتارا، وبلغت كميات الإنتاج 93 ألفاً و808 أطنان؛ والبقوليات تبلغ المساحة 965 هكتارا، وكميات الإنتاج 2036 طنا كذلك البقوليات، والمحاصيل النقدية المساحة المزروعة 3 آلفا و593 هكتاراً، كميات الإنتاج 3 آلاف و338 طناً.