تعليم النساء في الضالع: “حورية” شابة تكسر قيود الجهل

أطلقت مبادرة تعليم النساء "محو الأمية" بجهود ذاتية وتخرجت نماذج ناجحة

تعليم النساء في الضالع: “حورية” شابة تكسر قيود الجهل

أطلقت مبادرة تعليم النساء "محو الأمية" بجهود ذاتية وتخرجت نماذج ناجحة

في خطوة ملهمة تهدف إلى كسر قيود الجهل، ومحو الأمية، وفتح أبواب الأمل أمام النساء الريفيات، أطلقت الشابة “حورية علي”، مبادرة تعليمية رائدة لتعليم النساء الأميات في قريتها النائية بمحافظة الضالع، جنوبي اليمن، استجابة لحاجة ملحة في مجتمع تعاني فيه النساء من ضعف فرص التعليم.

تأتي المبادرة، التي أطلقتها حورية بعد تخرجها من الثانوية مطلع عام 2023، في وقت تعاني فيه الكثير من المجتمعات الريفية اليمنية من تدني مستوى التعليم بين النساء، لتُشكّل بصيص أمل نحو واقع بين النساء في العديد من المجتمعات الريفية اليمنية.

تقول حورية لمنصة ريف اليمن: “بعد التخرج من الثانوية شعرت بالمسؤولية تجاه نساء القرية اللواتي يعانين من الأمية التي تعيقهن عن المشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية، ما دفعني للبدء بهذه المبادرة”. وتضيف: “بجهود ذاتية بدأت المبادرة، واتخذت من زاوية الجامع مكانا للتعليم؛ حيث تحولت إلى ملاذ للكثير من نساء القرية، ومنها استطعن تعلُّم القراءة والكتابة”.


    مواضيع ذات صلة

تمكنت حورية من شراء سبورة وأقلام وبعض المستلزمات الأساسية، وتقول: “من خلال الأنشطة التي كنت أكتبها على السبورة، بالإضافة إلى الشغف الكبير لدى النساء للتعلُّم؛ تمكن العديد منهن تعلم القراءة والكتابة وبعض العمليات الحسابية”.

نماذج ناجحة

“أم عبد الغني (40 عامًا)”، إحدى النساء اللواتي التحقن بالتعليم، أوضحت معاناتها قبل أن تلتحق ببرنامج محو الأمية، وتقول لمنصة ريف اليمن: “كنت أرى أن النساء في قريتي يعانين من الجهل، وأنا واحدة منهن، وكنت أشعر بالعزلة والخوف”.

وتضيف: “لم أكن أستطيع حتى قراءة الأسماء في الهاتف، الأمر الذي جعلني أشعر بالعجز. حاولت التعليم في وقت مبكر لكن الأعمال الشاقة كانت تمنعني من ذلك”، لكنها قالت بنبرة مليئة بالأمل: “عندما بدأت حورية في تنظيم المبادرة، شعرت بالأمل يتجدد في قلبي”.


بجهود ذاتية بدأت المبادرة، واتخذت من زاوية الجامع مكانا للتعليم، حيث تحولت إلى ملاذ للكثير من نساء القرية، ومنها استطعن تعلُّم القراءة والكتابة


وأردفت: “التعلم أتاح لي الفرصة للتعبير عن نفسي وفهم العالم من حولي، لقد تعلمت الكثير، وأصبحت قادرة على كتابة اسمي، وقراءة القرآن، حتى أنني أستطيع الآن التحدث مع الآخرين بثقة، أشعر أنني جزء من المجتمع، وهذا بفضل جهود حورية”.

وبحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء؛ فإن عدد الأميين ضمن الفئة العمرية من 10 سنوات وأكثر، بلغ 6.3 مليون أمي وأمية، أي ما يمثل 29.2% من إجمالي عدد سكان اليمن المقدر عددهم بـ30 مليون نسمة.

تعليم النساء في الضالع: "حورية" شابة تكسر قيود الجهل
كثبر من النساء في الريف لا يحصلن على حقهن في التعليم

ولفت التقرير إلى أن نسبة الأمية في أوساط النساء تزيد عن 60% في بعض المحافظات، معتبراً أن الحديدة تعد الأعلى، حيث وصل أعداد الأميين والأميات فيها إلى أكثر من 1,2 مليون، 62% منها من الإناث.

تجسيد العدالة الاجتماعية

الناشط الاجتماعي “أحمد عادل” أكد أهمية مبادرة حورية، وأشاد بدورها في تغيير واقع نساء قريتها، قائلاً: “هذه المبادرة ليست فقط خطوة إيجابية نحو تعليم النساء، بل هي تجسيد حقيقي للعدالة الاجتماعية، وتعكس إصرار حورية على محاربة الأمية، ودفع النساء نحو الاندماج في المجتمع بشكل أعمق”.

وأضاف في حديثه لمنصة ريف اليمن: “التعليم هو السلاح الأكثر فاعلية لتمكين الأفراد والمجتمعات، وحورية قد أثبتت أن التغيير ممكن عندما نؤمن بقدرات بعضنا البعض. إننا بحاجة إلى المزيد مثل حورية، الذين لا يناقشون فقط القضايا الاجتماعية، بل يعملون على حلها”.

وتابع: “هذه المبادرات تعزز من ثقة النساء، وتفتح أمامهن آفاقًا جديدة، ولذلك فإن دعمنا لها واجب على كل فرد في المجتمع”.


التعليم هو السلاح الأكثر فاعلية لتمكين الأفراد والمجتمعات، وهذه المبادرة تجسيد حقيقي للعدالة الاجتماعية، وحورية أثبتت أن التغيير ممكن عندما نؤمن بقدراتنا


من جانبه، تحدث التربوي “حسن غليس” عن تأثير المبادرات التعليمية على التنمية البشرية، مشيرًا إلى أهمية دور التعليم في بناء القيم والمبادئ لدى الأفراد. وقال غليس لمنصة ريف اليمن: “اليوم لم يعد التعليم مجرد حق للإنسان، بل هو ضرورة لا غنى عنها لتحسين جودة الحياة”.

وأضاف: “المبادرات -مثل تلك التي تقوم بها حورية- تُسلّط الضوء على أهمية الاستثمار في التعليم كوسيلة للتمكين، فالتعليم يساهم في مواجهة التحديات الاجتماعية، والنساء المتعلمات يمكن أن يكنّ قائدات ومؤثرات في مجتمعاتهن، ويعملن على تحسين ظروف البيئة والمجتمع من حولهن”، مشيراً إلى أهمية التعليم المبكر.

ورغم النجاح، لا تزال التحديات كبيرة. فبحسب تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن مراكز محو الأمية التي تعتبر حيوية لتزويد المجتمعات بفرصة ثانية للتعليم وتحسين سبل عيشهم في اليمن على وشك الانهيار، مع وجود 3.2 مليون طفل خارج المدارس.

وأشار التقرير إلى تضرر العديد من المدارس أو تحويلها لاستخدامات غير تعليمية. ويقدر عدد الطلاب المتسربين من المدارس حاليًا بنحو 3.2 مليون طالب، وفي الوقت نفسه، يواجه المعلمون تحديات مستمرة، داخل الفصل وخارجه؛ مما يقلل من قدرتهم على دعم الطلاب بفاعلية، والحفاظ على المعايير التعليمية.

شارك الموضوع عبر:

الكاتب

    مواضيع مقترحة: