كيف ضاعف الصراع والتغير المناخي الأعباء البيئية في اليمن؟

دراسة بريطانية: معالجة أزمة المناخ من شأنها أن تزيد النمو الاقتصادي في الدول

كيف ضاعف الصراع والتغير المناخي الأعباء البيئية في اليمن؟

دراسة بريطانية: معالجة أزمة المناخ من شأنها أن تزيد النمو الاقتصادي في الدول

أدت الحرب، وتداعيات التغيرات المناخية إلى مضاعفة الأعباء البيئية في اليمن، خلال السنوات الماضية، في الوقت الذي أكدت فيه أبحاث منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن معالجة أزمة المناخ من شأنها أن تزيد النمو الاقتصادي في الدول.

وبحسب دراسة حديثة نشرها معهد بروكينجز «Brookings» الأمريكي، فإن سنوات الحرب في اليمن فرضت عبئًا ثقيلًا متزايدًا على الصعيد البيئي. وربطت الدراسة تفاقم حدة هذا العبء بتداعيات التغير المناخي.

وبينت الدراسة كيف أدى ذلك إلى خلق حلقة تغذية مرتدة؛ حيث تغذي التحديات البيئية الصراع، مما يؤدي بدوره إلى تفاقم عجز السلطات عن معالجة المشاكل البيئية. ويبرز ذلك من خلال سلسلة من التحديات، ومؤخراً بدت مؤشرات عن ارتفاع منسوب البحر في اليمن؛ مما يهدد المساكن وسبل العيش في المناطق الساحلية.


      مواضيع ذات صلة


ويواجه اليمن تحديات عميقة لتغير المناخ على قطاعات متنوعة، بدءًا من الزراعة والصحة وصولًا إلى الاقتصاد والموارد الطبيعية. كما يواجه كوارث متكررة ناجمة عن الظواهر الطبيعية مثل الفيضانات والمنخفضات الجوية.

الحرب والتغيرات المناخية في اليمن

بحسب الدراسة فإن اليمن -على سبيل المثال- هو واحد من أفقر دول العالم بالمياه. وقد ساهمت ندرة المياه لعقود في الصراع المحلي، في حين أن ضعف الدولة، وسوء الإدارة والفساد أعاق بشكل منهجي الجهود المبذولة للتخفيف من هذه التحديات، وفي الآونة الأخيرة أدت الحرب وتغير المناخ إلى تفاقم المشكلة.

كما أدى تغير المناخ إلى تغيير أنماط هطول الأمطار؛ مما يهدد مرة أخرى -بالاقتران مع عقود من الحرب وسوء الإدارة- الانتاجية الزراعية في بلد لا يتمتع بالفعل بالاكتفاء الذاتي في الغذاء. وقد أثر هذا، مرة أخرى، بشكل غير متناسب على النساء والفئات الضعيفة.

وفق الدراسة، تشير التقارير أيضًا إلى أن تغير المناخ يؤدي إلى زيادة وتيرة وسرعة العواصف في أجزاء من اليمن. وتُظهر الفيضانات الغزيرة في صيف عام 2024عواقب هذه العلاقة بين البيئة وانعدام الأمن واختلال أداء الحكومة.

وتسببت الأمطار الغزيرة والفيضانات بوفاة 240 شخصاً في اليمن خلال العام الماضي 2024، حيث تأثرت 20 محافظة من أصل 22 محافظة. ووفق تقرير الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، فإن “موسم الأمطار في اليمن عام 2024، شهد هطول أمطار غير مسبوقة، تسببت بفيضانات شديدة كانت مدمرة”.


للمزيد.. اطّلع على ملف “منصة ريف اليمن” عن الفيضانات في اليمن 2024


وأحصى التقرير، تأثر 655 ألفاً و11 شخصًا من 93 ألفاً و573 أسرة بالأمطار الغزيرة والفيضانات وكانت محافظات صعدة، الجوف، حجة، مأرب، تعز، الحديدة، المحويت، هي المحافظات الأكثر تضرراً، وهذا أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي الحاد أصلًا، وإجبار آلاف الأسر على النزوح.

يأتي ذلك في الوقت الذي حذرت فيه تقارير دولية من أن ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي قد يضيع هذا القرن إذا استمرت أزمة المناخ دون رادع.

كيف ضاعف الصراع والتغير المناخي الأعباء البيئية في اليمن؟
ارتفاع منسوب البحر يتسبب بطمر منازل في مدينة الخوخة الساحلية في الحديدة غربي اليمن، 3 إبريل 2025 (أبوبكر القنطار)

معالجة أزمة المناخ والنمو الاقتصادي

وفي سياق الحلول، توصلت دراسة أجرتها هيئة مراقبة الاقتصاد العالمي، ونشرتها صحيفة الغارديان «The Guardian» البريطانية، إلى أن اتخاذ إجراءات قوية لمعالجة أزمة المناخ من شأنه أن يزيد من النمو الاقتصادي للدول، بدلاً من الإضرار بمواردها المالية.

ويمكن لتحديد أهداف طموحة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ووضع السياسات اللازمة لتحقيقها، أن يؤدي إلى زيادة صافية في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول نهاية العقد المقبل، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في تقرير مشترك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وقال التقرير إن حساب المكسب الصافي، الذي يبلغ 0.23% بحلول عام 2040، سيكون أعظم في عام 2050، إذا كان يشمل فائدة تجنب الدمار الذي قد يلحقه عدم خفض الانبعاثات بالاقتصاد.

وبحلول عام 2050، سوف تتمتع الاقتصادات الأكثر تقدما بزيادة قدرها 60% في نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، في حين ستشهد البلدان ذات الدخل المنخفض بحلول نفس التاريخ ارتفاعا بنسبة 124% عن مستويات عام 2025.

وعلى الأمد الأقصر، ستكون هناك فوائد أيضاً للدول النامية؛ إذ سيتم انتشال 175 مليون شخص من براثن الفقر بحلول نهاية العقد، إذا استثمرت الحكومات في خفض الانبعاثات الآن، وعلى عكس ذلك قد نفقد ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي هذا القرن، إذا سُمح لأزمة المناخ بالاستمرار دون رادع.

وصرح أخيم شتاينر، الأمين التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خلال مؤتمر عقدته الحكومة الألمانية في برلين مؤخراً: “إن الأدلة الدامغة التي لدينا الآن تُشير إلى أننا لا نتراجع إذا استثمرنا في التحولات المناخية، بل نشهد في الواقع زيادة طفيفة في نمو الناتج المحلي الإجمالي، قد تبدو ضئيلة في البداية لكنها تنمو بسرعة”.

وفي ظل استمرار الصراع في اليمن، والانقسام السياسي، فإنه من الصعب اتخاذ تدابير عاجلة للتخفيف من حدة المشاكل البيئية ومعالجتها في الوقت الراهن، لكن تبدو هذه خيارات مطروحة وقد تكون ذات جدوى في المستقبل.

بحسب الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف سكان اليمن بحاجة إلى الخدمات الإنسانية وخدمات الحماية، ويعاني اليمن من أحد أعلى معدلات سوء التغذية المسجلة على الإطلاق؛ ما يؤثر سلبا على حياة كثير من الفقراء في البلد الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: