استطاعت الشابة تيسير السنحاني، الجمع بين تخصصها الأكاديمي وشغفها بالإعلام، ففي الوقت الذي تواصل تدريس وتدريب الطلاب في كلية الزراعة، تمارس مهنة الإعلام في تقديم إرشادات زراعية وتتخصص في صحافة المناخ والبيئة وقدمت عدد من البرامج الإذاعية.
وقالت تيسير السنحاني “تخصصي الدراسي هو الزراعة هويتي الإعلام فحاولت الدمج بين التخصص والهواية بما يخدم الواقع الزراعي في اليمن وإيصال المعلومات الزراعية فالإعلام المتخصص يعتبر من أهم توجهات الإعلام الحديث لإيصال المعلومات الصحيحة من ذوي الاختصاص أنفسهم”.
وأضافت في مقابلة مع منصة ريف اليمن “يجب أن تلعب صحافة المناخ دورًا رئيسيًا في توعية المزارعين بالحلول الممكنة لمواجهة التحديات المناخية، وتسليط الضوء على سياسات التكيف مع المناخ، ونقل التجارب الناجحة للمزارعين للاستفادة منها”.
ودعت السنحاني -التي تدرس في كلية الزراعة بجامعة صنعاء- المزارعين إلى زراعة محاصيل مقاومة للجفاف. وقالت “أنصح المزارعين بتخطيط محاصيلهم وفقًا للظروف المناخية، واستخدام تقنيات الري الحديثة، والاعتماد على المحاصيل المقاومة للجفاف”.
وتُعد الزراعة في اليمن المصدر الأساسي للغذاء وللمعيشة لشريحة واسعة من السكان، وفي ظل التغيرات المناخية يواجه المزارعون في اليمن تحديات كبيرة للصمود أمام تطرف مناخي أدى إلى تهديد سُبل العيش، وتسبب بكوارث كبيرة خلال الأعوام الماضية.
وقالت السنحاني “أن اليمن ليس بمنأى عن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، حيث تواجه الزراعة مشكلات متعددة مثل ارتفاع درجات الحرارة”، ولفتت أن هذا “يتطلب استراتيجيات تكييف متكاملة على جميع المستويات، الفردية والمجتمعية والحكومية”.
وتحدثت المهندسة الزراعية والأكاديمية تيسير السنحاني، مع منصة “ريف اليمن” عن دور صحافة المناخ والبيئة في تعزيز الوعي والإرشاد الزراعي، وواقع الزراعة في اليمن، وتأثير التغيرات المناخية على المزارعين.
إليكم نص المقابلة

- بداية، نود معرفة نبذة مختصرة عن تيسير السنحاني؟
أنا تيسير محمد السنحاني، مهندسة زراعية حاصلة على بكالوريوس في تخصص البساتين والغابات، وماجستير في زراعة الأعناب، أعمل كمدربة في الزراعة المنزلية، وإعلامية متخصصة في المجال الزراعي، حيث أقدم برامج بيئية وتوعوية، من بينها “كنز أخضر”، إضافة إلى برامج المسابقات الزراعية مثل “معجزة النبات” و”ماراثون زراعي”، مهمته بمجال التوعية الزراعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وناشطة في مجال البيئة والرفق بالحيوان.
دخولي إلى تخصص الزراعة كان بمحض المصادفة، لكن مع مرور الوقت أحببت المجال وتفوقت فيه، وحصلت على المرتبة الأولى على دفعتي، ثم تعيّنت معيدة في كلية الزراعة بجامعة صنعاء.
- كيف استطعتِ الجمع بين الإعلام وعملك كمهندسة زراعية وأكاديمية أيضا؟
الزراعة هي تخصصي الأكاديمي، لكن الإعلام كان شغفي منذ البداية. حاولت الجمع بين المجالين من خلال نشر التوعية الزراعية عبر وسائل الإعلام المختلفة، بهدف إيصال المعلومات الزراعية الصحيحة للمزارعين والمواطنين، وتوعية المجتمع فيما يخصص الزراعة، خاصة أن الإعلام المتخصص أصبح جزءًا مهمًا من الإعلام الحديث، لما له من تأثير مباشر في حياة الناس.
تخصصي الدراسي هو الزراعة هويتي الإعلام فحاولت الدمج بين التخصص والهواية بما يخدم الواقع الزراعي في اليمن وإيصال المعلومات الزراعية فالإعلام المتخصص يعتبر من أهم توجهات الإعلام الحديث لإيصال المعلومات الصحيحة من ذوي الاختصاص أنفسهم.
السنحاني: الزراعة في اليمن تعاني من تحديات كبيرة أبرزها التغيرات المناخية والتقلبات الحادة في أنماط الأمطار، حيث تؤثر على إنتاجية المحاصيل بشكل مباشر
- كيف تصفين وضع الزراعة في اليمن حاليًا؟
الوضع الزراعي في اليمن يعاني من تحديات كبيرة، لعل أبرزها التغيرات المناخية والتقلبات الحادة في أنماط الأمطار، حيث تؤثر على إنتاجية المحاصيل بشكل مباشر. فارتفاع درجات الحرارة يؤثر على خصوبة التربة ونمو المحاصيل، كما أن فترات الجفاف الطويلة تزيد من معاناة المزارعين.
إلى جانب ذلك، هناك تحديات اقتصادية وسياسية تؤثر بشكل مباشر على الزراعة، فالبنية التحتية الزراعية ضعيفة، وتوصيل المياه والمواد الزراعية إلى المزارعين أصبح أكثر صعوبة، بالإضافة إلى نقص المياه وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب زيادة أسعار البذور والأسمدة، مما جعل الري الزراعي تحديًا حقيقيًا أمام المزارعين. كما أن التصحر والتوسع العمراني قلصا المساحات الزراعية، مما أثر سلبًا على إنتاجية المحاصيل.
- كيف تؤثر التغيرات المناخية على الزراعة في اليمن؟
اليمن ليس بمنأى عن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، حيث تواجه الزراعة مشكلات متعددة مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتي تؤثر على خصوبة التربة وتجعلها أقل قدرة على الاحتفاظ بالمياه، كما أن التغيرات في أنماط الأمطار تجعل مواسم الزراعة غير مستقرة، مما يؤدي إلى فترات جفاف طويلة تُعيق الإنتاج الزراعي.
إضافة إلى ذلك، فإن زيادة العواصف والفيضانات تؤدي إلى تآكل التربة وتدمير المحاصيل، مما يفاقم الأزمة الزراعية. ندرة المياه أيضًا تُعد من أكبر التحديات التي تواجه المزارعين، حيث تؤثر بشكل مباشر على الإنتاج النباتي والحيواني، وتهدد الأمن الغذائي للمجتمع.
- ما هي الاستراتيجيات المناسبة لمواجهة التغيرات المناخية؟
التعامل مع التغيرات المناخية يتطلب استراتيجيات متكاملة على جميع المستويات، الفردية والمجتمعية والحكومية، على المستوى الفردي، يمكن للمزارعين تقليل استهلاك المياه في الري اليومي، واستخدام تقنيات الري الحديثة مثل الري بالتنقيط، بالإضافة إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية وتقليل المخلفات البيئية من خلال إعادة التدوير.

أما على المستوى المجتمعي، فإن مسؤولية مواجهة التغيرات المناخية تتمثل في التوعية بأهمية المحافظة على البيئة عبر ورش عمل وندوات وحملات توعية، وتعزيز الزراعة المستدامة وتشجيع المزارعين على استخدام الأساليب الزراعية المستدامة مثل الزراعة العضوية أو زراعة المحاصيل المقاومة للجفاف وغيرها، ودعم مشاريع غرس الأشجار، وحماية الغابات الموجودة، وتطوير أنظمة لتخزين مياه الأمطار.
السنحاني: الحرب تسببت في انهيار كبير للقطاع الزراعي، حيث ارتفعت أسعار المدخلات الزراعية مثل البذور والأسمدة، وأصبح الوصول إلى الموارد الزراعية أكثر صعوبة
وعلى المستوى الحكومي، يجب وضع سياسات بيئية واضحة تدعم الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، وتشجع على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية الزراعية لجعلها أكثر قدرة على مقاومة التغيرات المناخية وصولًا إلى تمويل الأبحاث العلمية التي تركز على إيجاد حلول لمواجهة التغيرات المناخية
- كيف أثرت الحرب على الزراعة في اليمن؟
الحرب تسببت في انهيار كبير للقطاع الزراعي، حيث ارتفعت أسعار المدخلات الزراعية مثل البذور والأسمدة، وأصبح الوصول إلى الموارد الزراعية أكثر صعوبة. كما أن التصحر وندرة المياه زادا من تعقيد الوضع، مما دفع العديد من المزارعين إلى التخلي عن زراعة المحاصيل التي تحتاج إلى مدخلات كثيرة، واللجوء إلى زراعة محاصيل أبسط وأقل تكلفة، مثل البطاط، للبقاء على قيد الحياة.
الأمن الغذائي في اليمن تضرر بشكل كبير، حيث يعاني نحو 75% من السكان من انعدام الأمن الغذائي والجوع، مما يجعل الحاجة إلى دعم القطاع الزراعي أمرًا ملحًا.

- ما هو دور صحافة المناخ في إرشاد وتوعية المزارعين؟
صحافة المناخ ليست مجرد تقارير عن الطقس، بل هي مجال إعلامي متخصص يعنى بتغطية القضايا البيئية وتأثير التغيرات المناخية على المجتمعات، بل تتعمق في استكشاف العوامل المسببة للتغيرات المناخية وآثارها على المجتمعات والاقتصادات والبيئة.
تلعب صحافة المناخ دورًا رئيسيًا في توعية المزارعين بالحلول الممكنة لمواجهة التحديات المناخية، وتسليط الضوء على سياسات التكيف مع المناخ، ونقل التجارب الناجحة للمزارعين للاستفادة منها.
- الى أي مدى يمكن لصحافة المناخ إحداث تأثير على واقع الزراعة في اليمن؟
يمكن لصحافة المناخ أن تكون قوة دافعة نحو تحسين الواقع الزراعي في اليمن من خلال التوعية، نقل التجارب، الضغط على صناع القرار، تعزيز التعاون، تقديم الحلول المبتكرة، وتوجيه سلوكيات الأفراد. إنها أداة قوية يمكن أن تسهم في تحقيق التغيير الإيجابي للمزارعين والمجتمع ككل.
- ماهي التحديات التي يواجهها الصحفيين والعاملين في صحافة المناخ؟
يواجه الصحفيين العاملين في صحافة المناخ صعوبات كبيرة، العمل الصحفي في اليمن بشكل عام تحديًا بحد ذاته، ما بالك بمجال مازال حديثًا، لكن بالمجمل هناك جملة من التحديات والصعوبات في صحافة المناخ من أبرزها، المعلومات المغلوطة والمضللة، في البيئة هناك معلومات معقدة وعميقة تحتاج لخبراء من أجل شرحها وتبسيطها للجمهور، بالإضافة إلى نقص الموارد والجهات الداعمة لهذا المجال، هذه التحديات وغيرها تجعل الصحفيين لا يهتمون بتغطية القضايا البيئة بشكل كبير، على الرغم من أهميتها الكبيرة وخاصة في الوقت الحالي.
- ما فوائد الأسمدة العضوية في المقابل ما أضرار المبيدات الكيميائية؟
الأسمدة العضوية تعتبر من أفضل الخيارات لتحسين جودة التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية، فوائدها كثيرة، نذكر أبرز تلك الفوائد بصورة مختصرة، تحسين التربة، الأسمدة تساهم في تحسين التربة مما يجعلها أكثر تهوية ويعزز من قدرتها على الاحتفاظ بالماء، وكذلك زيادة خصوبتها.
السنحاني: أنصح المزارعين بتخطيط محاصيلهم وفقًا للظروف المناخية واستخدام تقنيات الري الحديثة والاعتماد على المحاصيل المقاومة للجفاف
كما تساعد الأسمدة أيضًا على زيادة الإنتاجية بالنسبة للمحاصيل وزيادة مقاومتها للأمراض والآفات الزراعية، فهي تعمل على زيادة مناعة النباتات، ولها تأثير طويل الأمد بعكس الأسمدة الكيميائية فتأثيرها قصير، وهذا يقلل الحاجة إلى استخدام المبيدات.
أما الأسمدة والمبيدات الكيميائية، فعلى الرغم من أنها تساعد في زيادة الإنتاج الزراعي، إلا أنها تحمل مخاطر بيئية وصحية كبيرة، إذ يمكن أن تؤدي إلى تلوث المياه الجوفية، وتآكل التربة، وتسميم المحاصيل، مما يعرض المستهلكين لخطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السرطان وأمراض الكبد والكلى.
- كيف تساهم المرأة الريفية في الزراعة؟
المرأة الريفية تلعب دورًا أساسيًا في الإنتاج الزراعي، حيث تشارك في جميع مراحل الزراعة، من تحضير الأرض وزراعة المحاصيل إلى الحصاد والعناية بالمواشي. كما أنها مسؤولة عن إدارة الموارد الزراعية داخل الأسرة، مما يعزز كفاءة استخدام الموارد الزراعية.
لكن رغم ذلك، تواجه المرأة تحديات مثل نقص التدريب، والأعباء المنزلية الثقيلة، وصعوبة الوصول إلى الأسواق، مما يؤثر على قدرتها على العمل الزراعي والمشاركة في التنمية الزراعية.
- ماهي الحلول المناسبة لدعم القطاع الزراعي والمزارعين في الوقت الحالي؟
هناك حلول عديدة منها، توفير التمويل من خلال تقديم قروض ميسرة للمزارعين لتمويل مشاريعهم الزراعية، والتدريب وتقديم الاستشارات للمزارعين، وإدخال تقنيات الزراعة الحديثة، وكذلك التسويق من خلال إنشاء منصات تسويقية للمزارعين لبيع منتجاتهم مباشرة للمستهلكين
- أخيرا.. ما هي نصيحتك للمزارعين في ظل التغيرات المناخية؟
أنصح المزارعين بتخطيط محاصيلهم وفقًا للظروف المناخية، واستخدام تقنيات الري الحديثة، والاعتماد على المحاصيل المقاومة للجفاف، كما أوصيهم بالاستفادة من الدعم المتاح والمشاركة في الدورات التدريبية الزراعية لتعزيز معرفتهم بأساليب الزراعة المستدامة. رغم التحديات، لا تزال هناك فرص كبيرة للنهوض بالقطاع الزراعي في اليمن، إذا استُثمرت بشكل صحيح.